ما تدّعيه يعنى انّ ما تدّعيه ان كان من المعقولات فلا تكن منتظرا لتعقّلنا ، وان كان من المسموعات فلا تنتظر لسماعنا ، وان كان من المبصرات بالبصر أو بالبصيرة فلا تنتظر لأبصارنا للحجاب المانع من الأبصار بيننا وبينك (فَاعْمَلْ) ما شئت في دينك المبتدع (إِنَّنا عامِلُونَ) في ديننا القديم ، أو كان مقصودهم من ذلك تهديده يعنى فاعمل ما شئت بنا فانّنا نعمل ما قدرنا عليه بك (قُلْ) في جواب تهديدهم (إِنَّما أَنَا بَشَرٌ) لا اقدر (مِثْلُكُمْ) على ما لا يقدر عليه البشر حتّى افعل بكم ما أريد لكن بيني وبينكم فرق وهو انّه (يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) أو المعنى قل لهم : انّما انا بشر من جنسكم ولست خارجا من جنسكم حتّى لا تكونوا مناسبين لي فيستوحش قلوبكم أو لا تفهموا لساني فينصرف قلوبكم عنّى ، وأدعوكم الى التّوحيد الّذى لا يضرّكم شيئا ان كان لا ينفعكم (فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ) واخرجوا من اعوجاجكم (وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ) اقتصر على نفى إتيان الزّكاة اشعارا بانّ المشرك ليس اشراكه الّا من انانيّته الّتى ينبغي ان تطرح فانّ أصل إتيان الزّكاة هو طرح الانانيّة والإعطاء منه في طاعة الله ، ومن بخل بطرح الانانيّة بخل بإعطاء المال والقوى والجاه ، ولو اعطى لم يكن إعطاؤه إعطاء للزّكوة بل كان ممّن قال الله : كالّذي ينفق ماله رئاء النّاس ولا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر فمثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وإبل فتركه صلدا لا يقدرون على شيء ممّا كسبوا (وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ) وقد فسّر الإشراك بالاشراك بالولاية ، عن الصّادق (ع) أترى انّ الله عزوجل طلب من المشركين زكوة أموالهم وهم يشركون به حيث يقول : وويل للمشركين الّذين لا يؤتون الزّكاة وهم بالآخرة هم كافرون؟ قيل : جعلت فداك فسّره لي ، فقال : ويل للمشركين الّذين أشركوا بالإمام الاوّل وهم بالأئمّة الآخرين كافرون ، انّما دعا الله العباد الى الايمان به فاذا آمنوا بالله وبرسوله (ص) افترض عليهم الفرائض (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) غير مقطوع أو غير ما يمنّ به عليهم (قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ) الّتى هي مقرّ قراركم ومحلّ معاشكم (فِي يَوْمَيْنِ) قد يعبّر عن مراتب العالم باعتبار بالإمام ، وباعتبار بالأشهر ، وباعتبار بالاعوام ، والأرض اسم لكلّ ما كان فيه جهة القبول أظهر وجهة الفاعليّة أخفى ، وجملة عالم الطّبع وعالم المثال هكذا كان حالهما ، والتّعبير عن هذين العالمين بالأرض كثير ، فالمراد بالأرض الأجسام الظّلمانيّة والأجسام النّورانيّة وخلقهما ليس الّا في المرتبة الاخيرة النّازلة الّتى هي عالم الطّبع وفي المرتبة السّابقة عليها اعنى عالم المثال وقد عبّر عنهما باعتبار أمد بقائهما باليومين ، وقد مضى في سورة الأعراف بيان لخلق السّماوات والأرض في ستّة ايّام وقد كان الأرض باعتبار وجودها العينىّ مخلوقة في ذينك اليومين ولكنّها باعتبار وجودها المطلق مخلوقة في ستّة ايّام كالسّماوات ، والسّماوات يعنى سماوات الأرواح باعتبار وجودها العينىّ مخلوقة في اربعة ايّام ، يوم النّفوس الجزئيّة ، ويوم النّفوس الكلّيّة ، ويوم ـ العقول ويوم الأرواح المعبّر عنها بيومين ، يوم المدبّرات ويوم المجرّدات الصّرفة اى النّفوس والعقول بالمعنى الاعمّ وتقدير أقوات الأرض والأرضين ليس الّا في تلك الايّام الّتى هي ايّام السّماوات فانّه ينزّل من السّماء رزقا لكم (وَتَجْعَلُونَ) مع ذلك (لَهُ أَنْداداً) لا يقدرون على شيء ولا يخلقون ولا يرزقون (ذلِكَ) الموصوف (رَبُّ الْعالَمِينَ وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها) لئلّا تميد بكم ولتوليد الماء من تحتها ولسهولة جريان الماء من تحتها في سفحها (وَبارَكَ فِيها) في الرّواسى أو في الأرض فانّ الرّواسى بحسب التّنزيل منبع بركات الأرض ومحلّ المعادن النّافعة والنّباتات النّافعة الغذائيّة والدّوائيّة ، وبحسب التّأويل لا بركة الّا منها ، والأرض محلّ البركات