الكثيرة الّتى منها الإنسان والنّفوس الكاملة الّتى لا بركة الّا منها (وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِينَ) حالكون الأقوات مساوية لجملة السّائلين بسؤال الحال والاستعداد لا تفاضل فيهم في الأقوات المسؤلة بسؤال الحال وان كان سؤال القال قد يتخلّف المسؤل عنه ويتخلّف السّائلون فيه بحسب الاجابة وعدمها ، أو حالكون الاربعة الايّام سواء للسّائلين فانّ ايّام الآخرة نسبتها الى ما دونها نسبة الحقّ الى الخلق بالنّسبة الرّحمانيّة الّتى لا تفاوت فيها بالنّسبة الى شيء من الأشياء ، وقرئ سواء بالجرّ وبالنّصب وبالرّفع (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ) اى قصد الى خلقها وثمّ للتّرتيب في الاخبار لا في الوجود أو في الوجود لكن في العالم الصّغير ، فانّ حدوث سماء الأرواح في العالم الصّغير بعد وجود ارض البدن وقواها وتقدير رزقها (وَهِيَ دُخانٌ) اى حالكون السّماء قبل تماميّة خلقتها كانت بخارا فانّ النّفوس المعبّر عنها بالأرواح مركبها ومادّتها البخار المتولّد من القلب المختلط مع الدّخان المتصاعد الى الدّماغ لتعديله وبعد تعديله ببرودة الدّماغ يتعلّق بل يتّحد معه النّفس الحيوانيّة ثمّ الانسانيّة (فَقالَ) بعد خلق الأرض وتسوية السّماء (لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً) الإتيان الى الله وطاعته طوعا حقّ السّماوات ، والإتيان كرها حقّ الأرض ، واعتبر ذلك بأرض وجودك وسماواته فانّ القوى والمدارك الّتى هي سماويّة مطيعة للنّفس بالطّوع والفطرة بحيث لا يتخلّف طاعتها عن امر النّفس والبدن الّذى هو ارض وجودك وأعضائه طاعتها للنّفس ليست الّا بخلاف فطرتها ، لكن إذا تبدّل الأرض غير الأرض وصار ارض البدن الطّبيعىّ مغلوبة لارض البدن المثالىّ بحيث لا يبقى حكم الطّبيعىّ وكان الحكم للمثالىّ كان إتيانه الى الله وطاعته للنّفس طوعا كالمثالىّ (قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ) بعد ما صارت الأرض مغلوبة للسّماوات ، وانّما أتى بجمع العقلاء الذّكور لانّ هذا الخطاب ليس الّا للعقلاء فلمّا خوطبن بخطاب العقلاء أتى لهنّ بجمع العقلاء الذّكور (فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ) كناية عن المراتب السّبع السّماويّة الانسانيّة أو عن اللّطائف السّبع القلبيّة (فِي يَوْمَيْنِ) يوم الإنشاء ويوم الإبداع أو يوم المدبّرات ويوم المجرّدات وقد ذكر في الاخبار ، وذكر الكبار من العلماء بعض وجوه أخر للايّام السّتة والايّام الاربعة واليومين المخلوق فيهما الأرض والمخلوق فيهما السّماء من أراد فليرجع الى المفصّلات (وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها) الوحي غلب على إلقاء العلوم بواسطة الملك أو بلا واسطة ، ولمّا كانت العلوم في المجرّدات عين ذواتها غير منفكّة ولا متأخّرة عن ذواتها كان وحيها عبارة عن خلقتها على ذلك والمراد بالأمر الحال والشّغل يعنى اوحى الله في كلّ سماء امر تلك السّماء الى أهلها ولم يقل الى كلّ سماء للاشارة الى انّ المراد بالسّماوات المراتب واوحى في كلّ مرتبة امر تلك المرتبة وما تحتاج اليه من تدبير أهلها وتدبير ـ ما دونها الى أهل تلك المرتبة من الملائكة (وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا) اى السّماء الطّبيعيّة الّتى هي عبارة عن الفلك المكوكب والأفلاك السّبعة الاخر والسّماء الدّنيا الّتى هي الصّدر المنشرح بالإسلام (بِمَصابِيحَ وَحِفْظاً) من الشّياطين المسترقين للسّمع وقد سبق في سورة الحجر وكذا في سورة الصّافّات بيان للآية (ذلِكَ) القدر (تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ) الّذى لا يمنع من مراده (الْعَلِيمِ) الّذى لا يقع قصور في فعله لجهله بعاقبته (فَإِنْ أَعْرَضُوا) عنك أو عن الايمان بالله بعد ما بيّنت لهم حجّة صدقك وحجّة آلهة الله وتدبيره لكلّ الأمور (فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ) بالكنايات السّابقة أو أنذرتكم بالتّهديدات الّتى هدّدتكم بها أو أنذركم بهذا الكلام (صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ) يعنى في زمانهم (وَمِنْ خَلْفِهِمْ) يعنى قبل زمانهم أو جاءتهم الرّسل بالمواعظ من جهة دنياهم وآخرتهم ، أو حفّوا بهم من جميع جوانبهم ، أو من بين أيديهم يعنى الرّسل الظّاهرة ومن خلفهم