ولكن لا يشعرون به أو في الآخرة (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ) عطف على مفعولي ترى اى وترى الّذين آمنوا (الى آخرها) ، أو عطف على اسم انّ وخبرها ، أو على جملة انّ الظّالمين (الى آخرها) أو على جملة ترى الظّالمين أو على جملة هو واقع بهم (لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ) الظّرف مستقرّ وحال عن فاعل يشاؤن أو عن الموصول أو عن مجرور لهم أو عن المستتر فيه أو خبر بعد خبر أو خبر مبتدء محذوف ، أو متعلّق بيشاؤن أو بل هم (ذلِكَ) المذكور (هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ذلِكَ) المذكور العظيم القدر البعيد المنزلة (الَّذِي يُبَشِّرُ اللهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) قد مضى مكرّرا انّ المراد في أمثال هذه العبارة بالايمان الإسلام الحاصل بالبيعة العامّة ، أو نفس البيعة العامّة وبالعمل الصّالح الايمان الحاصل بالبيعة الخاصّة ، أو نفس البيعة الخاصّة ، أو المراد بالايمان الايمان الخاصّ الحاصل بالبيعة الخاصّة أو نفس تلك البيعة ، وبالعمل الصّالح العمل بشروط تلك البيعة (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ) اى على هذا الأمر الّذى انا فيه من تبليغ رسالة الله ودعائكم الى الايمان بالله (أَجْراً) منكم حتّى تتّهمونى بطلب الدّنيا في ادّعائى (إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) الاستثناء متّصل والمودّة في القربى وان كانت نافعة لهم وتكميلا لنفوسهم ولكن باستكمالهم ينتفع النّبىّ لكونهم (ص) أجزاء له وسعة لوجوده فقوله تعالى : (قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ) اشارة الى كلا الانتفاعين حيث جعله اجرا له من حيث انتفاعه بمودّتهم لاستكمالهم بها وسعته (ص) باستكمالهم ، فما قيل : انّه استثناء منقطع ، ليس في محلّه ، والقربى مصدر قرب والمقصود المودّة في التّقرّب الى الله أو في حال قربكم من الله فيكون بمعنى الحبّ في الله أو المعنى التّحابّ في ما تقرّب الى الله من الأعمال ، أو المعنى لا أسألكم اجرا الّا ان تودّوني لأجل قرابتي منكم ، هكذا قيل ، ولكن ما وصل إلينا من ائمّتنا (ع) في اخبار كثيرة انّ المعنى لا أسألكم اجرا الّا ان تودّوا أقربائى ، فيكون القربى مصدرا بمعنى اسم الفاعل ، ويكون التّعبير بالمصدر للاشعار بانّ مودّة أقربائى نافع لكم من حيث قرابتهم لي جسمانيّة كانت القرابة أو روحانيّة ، وروى انّ رسول الله (ص) حين قدم المدينة واستحكم الإسلام قالت الأنصار فيما بينها : نأتى رسول الله (ص) فنقول له : انّه يعروك أمور فهذه أموالنا تحكم فيها غير حرج ولا محظور عليك ، فأتوه في ذلك ، فنزلت : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) ، فقرأها عليهم وقال : تودّون قرابتي من بعدي ، فخرجوا من عنده مسلّمين لقوله فقال المنافقون : انّ هذا لشيء افتراه في مجلسه أراد بذلك ان يذلّلنا لقرابته من بعده فنزلت : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) ، فأرسل إليهم فتلاها عليهم فبكوا واشتدّ عليهم فأنزل الله وهو الّذى يقبل التّوبة عن عباده (الآية) فأرسل في أثرهم فبشّرهم ، وبهذا المضمون وبالقرب منه اخبار كثيرة (وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً) قد مضى منّا مكرّرا انّ الحسن الحقيقىّ والحسنة الحقيقيّة هي الولاية لا غير ، وكلّما كان متعلّقا بالولاية من قول وفعل وحال وخلق وعلم وشهود وعيان فهو حسن بحسنها ، وكلّما لم يكن متعلّقا بالولاية كان قبيحا ولذلك فسّروا في اخبار كثيرة اقتراف الحسنة بولايتهم ومودّتهم سواء جعل التّنكير للتّفخيم أو للتّحقير (نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً) اى نزد له في تلك الحسنة حسنا لانّ الحسنة إذا حصل منها فعليّة حسنة للنّفس وبقي الفاعل على تلك الفعليّة ولم يبطلها ولم يحرقها زادها الله تعالى لانّ الكون باقتضاء ذاته في التّرقّى (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ) يغفر ما كسب من سيّئة قبل تلك الحسنة (شَكُورٌ) واقتضاء شكوريّته الزّيادة في تلك الحسنة الى عشر الى ما شاء الله (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) قد مضى وجه نزول هذه الآية (فَإِنْ يَشَإِ اللهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ) حتّى تفترى على الله فاشكر نعمة عدم الختم والإيحاء إليك فيكون إظهارا لمنّته عليه بشرح صدره وعدم ختمه ، أو المعنى