ان يشأ الله عدم إظهار فضل عترتك يختم على قبلك حتّى لا يوحى إليك فضل أهل بيتك فأظهر فضل أهل بيتك ولا تبال بردّهم وقبولهم فانّ الله حافظ لهم ومظهر لفضلهم ويكون تسلية له (ص) عن انكار قومه (وَيَمْحُ اللهُ الْباطِلَ) فلو كان قول محمّد (ص) افتراء وباطلا لمحاه الله عن الايّام والحال انّه في ازدياد الثّبات في الايّام (وَيُحِقُّ الْحَقَ) فلو لم يكن قوله حقّا لما حقّ بكلماته التّكوينيّة الّتى هي افراد البشر ، أو المعنى انّه يمح الله الباطل فلا تحزن يا محمّد (ص) على ما قالوا من قولهم : لو أمات الله محمّدا (ص) لا ندع الأمر في أهل بيته ، أو المعنى انّه (يَمْحُ اللهُ الْباطِلَ) عن القلوب من الشّكّ والرّيب في أهل بيتك ويحقّ الحقّ الّذى هو ولاية أهل بيتك في القلوب في أمد الزّمان ، أو المعنى انّه يمح الله الباطل عن الزمان ويحقّ الحقّ الّذى هو علىّ (ع) والائمّة (ع) وولايتهم (بِكَلِماتِهِ) الّذين هم خلفاؤك بعدك (إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) فيعلم ما يلج في قلوب المنافقين من عداوتك وعداوة أهل بيتك (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ) قد مضى وجه نزول الآية. اعلم انّ أكثر ما ورد من ذكر التّوبة في الكتاب كان المراد منها التّوبة الّتى تكون على أيدي خلفائه تعالى في ضمن الميثاق والبيعة ، والقابل لتلك التّوبة في الظّاهر هو خليفة الله الّذى يكون البيعة على يده لكنّه لمّا كان مظهرا لصفاته تعالى خصوصا حين أخذ البيعة من العباد نسب قبول التّوبة الى نفسه بطريق الحصر كما في قوله تعالى : فلم تقتلوهم ولكنّ الله قتلهم (وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ) قرئ بالخطاب وبالغيبة (وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) اى يستجيبهم في دعائهم مطلقا ، أو في دعائهم لله ولقائه ، أو في دعائهم لإخوانهم بظهر الغيب كما في الخبر والمراد بالايمان الإسلام ، أو الايمان الخاصّ ، وعلى الاوّل فالمراد بالعمل الصّالح البيعة الخاصّة والايمان الخاصّ ، أو المعنى يستجيب الّذين آمنوا لله أو للنّبىّ (ص) في مودّة أقربائه (ص) (وَيَزِيدُهُمْ) على مسئولهم (مِنْ فَضْلِهِ وَالْكافِرُونَ) بولاية علىّ (ع) (لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ) وللاشارة الى انّ عذاب الكافرين من لواحق أعمالهم ومن توابع مشيّته بالعرض غيّر الأسلوب (وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ) اعلم ، انّ النّفس الانسانيّة ليس اختيالها وظلمها وعداوتها مع خلق الله وعدولها عن الحقّ الّا لانانيّتها واعجابها بنفسها ، وكلّما قلّل حاجتها وزاد غناءها زاد في انانيّتها ، وكلّما زيد في انانيّتها زاد اعجابها بنفسها ولوازم اعجابها من تحقير العباد والعداوة مع من يظنّ انّه يريد الاستعلاء عليه والظّلم على من يقابله ولا يكون ملائما لحاله والعدول عن الحقّ ، وإذا بسط الله الرّزق النّباتىّ من المأكول والمشروب أو الرّزق الحيوانىّ من الشّهوات البهيميّة والبسطات السّبعيّة والاعتبارات الشّيطانيّة أو الرّزق الانسانىّ من الإلهامات والعلوم والحكم والمكاشفات الصّوريّة والمعنويّة على العباد عدوا على العباد وظلموهم وحقّروهم وعدلوا عن الحقّ فانّ الإنسان ما كان باقيا عليه شوب من نفسه كانت العلوم الصّوريّة مورثة لازدياد انانيّته وكذلك المشاهدات الصّوريّة والمكاشفات المعنويّة فانّ المذاهب الباطلة أكثرها تولّدت من المشاهدات الّتى كانت للنّاقصين كما سبق منّا تفصيل ذلك (وَلكِنْ يُنَزِّلُ) الأرزاق الثّلاثة على العباد (بِقَدَرٍ ما يَشاءُ) يعنى ينزّل ما يشاء ان ينزّل بقدر استحقاق المنزّل عليه لانّه لا يشاء ما يشاء الّا بحسب حال من يشاء له وقوله لو بسط الله الرّزق (الى قوله) بصير لرفع توهّم نشأ من قوله تعالى يستجيب الّذين آمنوا فانّه يورث توهّم انّه لو كان هذا حقّا لكان ينبغي ان لا يكون من المؤمنين فقير محتاج مع انّ أكثر المؤمنين محتاجون في امر معيشتهم (إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ) تعليل لسابقه يعنى انّه يعلم قدر استحقاقهم وقدر ما يصلحهم وما يفسدهم فيعطى المؤمنين قدر ما يصلحهم ، والكافرين قدر ما يصلح العالم والنّظام الكلّىّ ، وقدر