(رُوحاً مِنْ أَمْرِنا) اى روحا عظيما ناشئا من محض أمرنا من غير مداخلة مادّة فيه ، أو بعضا من عالم أمرنا والمراد به جبرئيل أو روح القدس الّذى هو أعظم من جبرائيل وميكائيل (ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ) المراد بالكتاب النّبوّة والرّسالة وأحكامهما وبالايمان الولاية وآثارها والقرآن صورة الثّلاثة (وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً) اى الكتاب أو الايمان أو المذكور منهما أو الرّوح الموحى إليك وقد فسّر بعلىّ (ع) ، فعن الباقر (ع) ولكن جعلناه نورا يعنى عليّا وعلىّ (ع) هو النّور هدى به من هدى من خلقه (نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا) سئل الصّادق (ع) عن العلم ، أهو شيء يتعلّمه العالم من أفواه الرّجال؟ أم في الكتاب عندكم تقرؤنه فتعلمون منه؟ ـ قال : الأمر أعظم من ذلك وأوجب! اما سمعت قول الله عزوجل (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ) ثمّ قال : بلى ، قد كان في حال لا يدرى ما الكتاب ولا الايمان حتّى بعث الله عزوجل الرّوح الّتى ذكر في الكتاب فلمّا أوحاها علم بها العلم والفهم وهي الرّوح الّتى يعطيها الله عزوجل من شاء فاذا أعطاها عبدا علّمه الفهم (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) يعنى انّك برسالتك تهدى الى الولاية فانّ الرّسالة وقبولها هداية الى الايمان والولاية كما قال تعالى : قل لا تمنّوا علىّ إسلامكم بل الله يمنّ عليكم ان هداكم للايمان ان كنتم صادقين ؛ عن الباقر (ع) يعنى انّك تأمر بولاية علىّ (ع) وتدعو إليها وعلىّ (ع) هو الصّراط المستقيم (صِراطِ اللهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) وعنه (ع) يعنى عليّا انّه جعله خازنه على ما في السّموات وما في الأرض من شيء وائتمنه عليه ، ولعلّه (ع) ارجع الضّمير المجرور الى الصّراط ، أو فسّر الصّراط بعلىّ (ع) (أَلا إِلَى اللهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ) اى تنتهي جميع الأمور اليه في الواقع ، أو تنتهي بلحاظ اللّاحظ اليه بمعنى انّه إذا نظر الى جزئىّ من جزئيّات الوجود ولو حظ مصدره ومصدر مصدره تنتهي المصادر كلّها الى الله فيكون مصدر الكلّ.
سورة الزّخرف
مكّيّة كلّها ، وقيل : الّا آية واسئل من أرسلنا من رسلنا ، ثمان وثمانون آية ،
وقيل : تسع وثمانون
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(حم وَالْكِتابِ الْمُبِينِ إِنَّا جَعَلْناهُ) اى جعلنا ذلك الكتاب المبين الّذى لا رطب ولا يابس الّا فيه بحيث لا يعتريه ريب وشكّ ولا خفاء وإجمال وتشابه (قُرْآناً) مجموعا فيه جميع المطالب (عَرَبِيًّا) بلغة العرب أو ذا حكم وآداب واحكام ومواعظ ونصائح (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) تصيرون باستماعه وتدبّره عقلاء ، أو تدركون ما فيه من المواعظ والحكم (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ) وهو الكتاب المبين الّذى هو اللّوح المحفوظ المعبّر عنه في لسان الحكماء بالنّفس الكلّيّة ، أو هو القلم الا على فانّه بوجه قلم وبوجه كتاب وهو المسمّى في لسان الحكماء بالعقل الكلّىّ ، أو هو مقام المشيّة المعبّر عنها بنفس الرّحمان والاضافة الاشراقيّة فانّها بوجه اضافة الحقّ ، وبوجه فعله ، وبوجه