الْأَزْواجَ كُلَّها) اى أصناف المخلوقات (وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعامِ ما تَرْكَبُونَ لِتَسْتَوُوا عَلى ظُهُورِهِ) اى ظهور ما تركبون ، جمع الظّهور وافراد الضّمير المضاف اليه باعتبار اللّفظ والمعنى (ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ) يعنى انّ غاية جميع المخلوقات تذكّركم وشكركم له على انعام ما رأيتموه نعمة لكم (وَتَقُولُوا) يعنى تذكروا بقلوبكم وتقولوا بألسنتكم فانّ ألسنتكم مكلّفة بجريان كلمة الشّكر عليها (سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا) يعنى ان تنزّهوا الله من وسمة الحاجة الى المركوب والانتقال من مكان الى مكان وتذكّروه بنعمة تسخير المركوب ليكون شكرا (وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ) اقرن للأمر اطاقه وقوى ، واقرنه جعله في الحبل (وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ) يعنى انّ الغرض تذكّر النّعمة وشكر المنعم في النّعمة وتذكّر النّقلة العظيمة الّتى هي النّقلة من الدّنيا الى الآخرة (وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً) اى ولدا فانّه جزء من الوالد بحسب مادّته يعنى بعد ما اقرّوا بخالقيّته للسّماوات والأرضين جعلوا له من مخلوقاته ولدا (إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ) بنعمة الحقّ وصفاته فيجري على لسانه ما لا يليق بمنعمه غفلة عن المنعم وصفاته (مُبِينٌ أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَناتٍ وَأَصْفاكُمْ بِالْبَنِينَ) يعنى ينبغي التّعجّب من حالهم حيث لم يقنعوا بان جعلوا له من عباده جزء وجعلوا اخسّ الأولاد له (وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلاً) اى بما ضرب الأسماع به حالكونه مثلا وشبيها ، أو من حيث كونه صفة وحكاية لحاله فانّ الولد مجانس للوالد وشبيه له وكأنّ التّأدية بهذه العبارة للاشارة الى انّهم لا يقولون انّ الله ولد حقيقة بل شبّهوا النّسبة بينه وبين الملائكة أو بين الجنّ بنسبة الوالد والولد (ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ) رجل كظيم ومكظوم مكروب ، أو هو كاظم لغيظه غير مظهر له أو ساكت (أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ) الم يتفكّروا وجعلوا من ينشّأو ويربّى في الزّينة ولدا له؟ أو من مبتدء خبر محذوف ، أو خبر مبتدء محذوف والمعنى اهو ادنى منكم ومن ينشّأو في الزّينة ولد له ومن يبارز في المحاربة ولد لكم؟ أو المعنى اهو ادنى منكم وولده من ينشّأو في الزّينة؟ (وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ) لدعواه وحجّته بل في الأغلب يتكلّم حين المخاصمة بما هو حجّة عليه ، وقرئ ينشّأو من الثّلاثىّ المجرّد مبنيّا للفاعل ، ومن التّفعيل ومن المفاعلة ومن الأفعال مبنيّا للمفعول (وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً) قرئ عباد الرّحمن وعبيد الرّحمن وعند الرّحمن بالنّون يعنى انّ قولهم الملائكة بنات الله متضمّن لقبائح عديدة ، الاوّل جعله مركّبا متجزّئا وليس الّا وصف ادنى الممكنات ، والثّانى نسبة التّوالد اليه وهو يستلزم الاحتياج ووجود المثل له وهو غنىّ على الإطلاق ، ولو كان له مثل لكان ممكنا مركّبا ، والثّالث نسبة امر اليه إذا نسب الى أنفسهم تغيّروا واسودّت وجوههم وهو يستلزم جعله ادنى وأهون من أنفسهم ، والرّابع جعل أضعف الأولاد ولدا له ، والخامس جعل الملائكة الّذين هم مكرمون على الله بوصف أرذل النّاس (أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ) فانّ الانوثة والذّكورة لا تعلمان الّا بالمشاهدة (سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ) الّتى شهدوا بها على الملائكة انّهم إناث (وَيُسْئَلُونَ) عن هذه الشّهادة يوم القيامة وهو تهديد لهم (وَقالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ) يعنى انّهم قالوا هذه الكلمة من غير تصوّر لمعناها ومن غير علم بنسبتها ولذلك كانوا كاذبين وانّما أرادوا