لم تفعلوا فلا ثواب لكم ، وعنه (ع) قال : ما كان من ولد آدم (ع) مؤمن الّا فقيرا ولا كافرا الّا غنيّا حتّى جاء إبراهيم (ع) فقال : (رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا) فصيّر الله في هؤلاء أموالا وحاجة ، وفي هؤلاء أموالا وحاجة (وَإِنْ كُلُّ ذلِكَ) المذكور من سقف الفضّة ومعارجها وأبوابها وسررها وزخرف البيوت (لَمَّا مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا) قرئ لمّا بالتّشديد فيكون ان نافية ولمّا استثنائيّة ، وقرئت بالتّخفيف فان مخفّفة واللّام فارقة وما زائدة أو موصولة أو موصوفة (وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ) من متاع الحيوة الدّنيا كأنّ غيرهم لا آخرة لهم ، وبأمثال هذه الآية توسّل من قال غير المؤمنين أو غير من له عقل مجرّد إذا مات فات ولا بقاء له في الآخرة ، وليس كذلك ، لانّ التّحقيق انّ مطلق الحيوان له بقاء في الآخرة لتجرّد خياله وعدم انطباعه وهذا القدر من التّجرّد يكفى في البقاء بعد خراب البدن (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ) اعلم ، انّ الولاية السّارية في جميع الموجودات تكوينا حقيقة ذكر الله ، وكذلك الولاية الجارية على الإنسان وبنى الجانّ تكليفا ، ولذلك أضاف الذّكر الى الرّحمن وصاحب الولاية المتحقّق بها أيضا ذكر ولذلك كان رؤيته مذكّرا كما عن عيسى (ع) في جواب الحواريّين حين قالوا : من نجالس يا روح الله؟ ـ قال : من يذكّركم الله رؤيته ، ثمّ الذّكر المأخوذ من صاحب الولاية ذكر الله ثمّ الفكر الحاصل من الذّكر المأخوذ من صاحب الولاية وان كان الفكر أكمل في الذّكريّة من الذّكر المأخوذ ثمّ تذكّر الله في الخاطر ثمّ تذكّر امره ونهيه عند الفعال ، ثمّ الذّكر اللّسانىّ من التّلهيل والتّسبيح والتّحميد وغيرها ثمّ كلّ ما يذكّرك الله اىّ شيء كان ، والمقصود انّ من يعمى عن الولاية وعن ولىّ الأمر فانّ العمى عن الولاية يورث العمى عن جميع أقسام الذّكر (نُقَيِّضْ) نسبّب ونقدّر (لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ) يمنعه عن الانسانيّة والسّلوك على طريقها ويجرّه الى البهيميّة والسّبعيّة والشّيطانيّة ويسلكه على طريقها الى النّار ، وممّا روى من الأكابر : من لم يكن له شيخ اى ولىّ يتولّاه بالبيعة الخاصّة تمكّن الشّيطان من عنقه ، ومن تمكّن الشّيطان من عنقه لا يرجى له خير ، ولا نجاة له من السّعير ، وعن أمير المؤمنين (ع): من تصدّى بالإثم اعشى (١) عن ذكر الله تعالى ، ومن ترك الأخذ عمّن امر الله بطاعته قيّض له شيطان فهو له قرين (وَإِنَّهُمْ) اى الشّياطين القرناء للعاشين (لَيَصُدُّونَهُمْ) اى العاشين (عَنِ السَّبِيلِ) الّذى ينبغي ان يسلكه الإنسان وهو الولاية التّكوينيّة والتّكليفيّة ، ولمّا كان أغلب خطابات القرآن غير خالية من الاشارة الى الولاية وقبولها وردّها فمعنى الآية انّ من يعش عن علىّ (ع) وولايته نقيّض له شيطانا وانّهم يعنى الشّيطان واتباعه ليصدّون العاشين عن علىّ (ع) وولايته (وَيَحْسَبُونَ) اى الشّياطين أو العاشون أو المجموع (أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ) والحال انّهم ضالّون مصدودون عن الطّريق (حَتَّى إِذا جاءَنا) اى العاشى وقرئ جاءانا على التّثنية (قالَ) العاشى للشّيطان (يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ) اى المشرق والمغرب (فَبِئْسَ الْقَرِينُ) لمّا رأى انّه صدّه عن الولاية وبواسطة صدوده عن الولاية هلك ودخل النّار تمنّى ان لم يكن هو قرينا له (وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ) فاعل ينفعكم التّمنّى المستفاد من قوله : يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين أو إذ ظلمتم على ان يكون إذ اسما خالصا ، أو انّكم في العذاب ولفظة إذ اسم خالص فاعل ، أو للتّعليل على ان تكون حرفا إذا أفادت التّعليل وانّكم للتّعليل أو فاعل لن ينفعكم ، وقرئ انّكم بكسر الهمزة جوابا لسؤال مقدّر في مقام التّعليل ، روى عن الباقر (ع) انّه نزلت هاتان الآيتان هكذا حتّى إذا جاءانا يعنى فلانا وفلانا يقول أحدهما لصاحبه حين يراه : يا ليتني بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين فقال الله لنبيّه (ص) : قل لفلان وفلان واتباعهما : لن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم آل محمّد حقّهم انّكم
__________________
(١) عشى يعشى عشا ساء بصره باللّيل والنّهار واعشى عن شيء أعرض وصدر عنه الى غيره.