مخاطبات المنافقين في يوم القيامة خاطب نبيّه (ص) وقال : بل أبرم هؤلاء المنافقون من أمّتك امرا في تكذيب الحقّ فلا تحزن على تعاهدهم في مكّة وغيرها ان لا يدعوا هذا الأمر في علىّ (ع) (فَإِنَّا مُبْرِمُونَ) امره أو مبرمون مجازاتهم (أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ) أحاديثهم الّتى يسرّونها عن غيرهم (وَنَجْواهُمْ بَلى) نسمعها (وَرُسُلُنا) اى الملائكة الموكّلة عليهم (لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ قُلْ) للّذين يجعلون لله البنات أو للّذين يقولون : المسيح ابن الله أو عزير ابن الله ، أو يقولون : نحن أبناء الله (إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ) يعنى ان كان له ولد فانا اولى بإظهاره ومعرفته لانّى أسبق العابدين لله بحسب المرتبة ، والاسبق اولى بمعرفة أولاد المعبود وذوي نسبه من غير الاسبق ، أو انا اوّل العابدين لذلك الولد يعنى ينبغي ان أكون اوّل العابدين له لتقدّمى عليكم في عبادة الله وينبغي ان يكون المقدّم في عبادة الله مقدّما في عبادة أولاده ، أو المعنى ان كان له ولد فأنا اوّل العابدين؟ على الاستفهام الانكارىّ يعنى ان كان له ولد كنت اوّل الجاحدين له لا اوّل العابدين ، أو استعمل العابدين من عبدت عن الأمر بمعنى انفت منه فالمعنى انا اوّل الآنفين ان يكون له ولد ، وعن أمير المؤمنين (ع) اى الجاحدين قال : والتّأويل في هذا القول باطنه مضادّ لظاهره وقد ذكرت وجه صحّته (سُبْحانَ رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ) الّذى هو جملة ما سوى الله (عَمَّا يَصِفُونَ) تنزيه له عن الولد بما فيه برهانه فانّ ربوبيّة العرش الّذى هو جملة المخلوقات تستلزم ربوبيّة كلّ جزء فرض من أجزاء العرش وان كان له ولد كان مثله وثانيا له لا مربوبا له (فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا) في باطلهم (وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ) في السّماء آله صلة من غير عائد فالعائد محذوف وهو امّا صدر الصّلة اى هو في السّماء آله اى معبود ومستحقّ للعبادة ، أو سلطان ومدبّر لأمور السّماء ، أو سائر أجزاء الصّلة اى (هُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ) منه أو بصنعه أو من صنعه ، وقد ورد عن أمير المؤمنين (ع) انّه قال: وقوله (هُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ) وقوله (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ) وقوله (ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ) فانّما أراد بذلك استيلاء امنائه بالقدرة الّتى ركّبها فيهم على جميع خلقه وانّ فعلهم فعله ، وهو يؤيّد الوجه الثّانى والمعنى الثّانى للآية (وَهُوَ الْحَكِيمُ) الّذى اتقن صنعه بحيث انّه ظهر بصورة امنائه ولم يعلم به أحد بل أنكروه وأنكروا أمناءه (الْعَلِيمُ) الّذى يعلم كيفيّة إخفاء ألهته بحيث لا يشعرون بها بل ينكرونها (وَتَبارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما) فكيف لا يكون آلها فيهما أو لا يكون منه اله فيهما (وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) الّتى هي بخرابهما لا عند غيره ولذلك تراهم غافلين عن السّاعة لاهين عنها شاغلين بما لا ينفعهم فيها وما لهم يسألونك عن السّاعة وليس علمها عندك؟! وقد مضى في سورة الأعراف وفي غيرها وجه انحصار علم السّاعة به تعالى وانّ من يعلم من الخلفاء ذلك فهم في ذلك الهيّون لا بشريّون (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) يعنى انّكم تكونون في الحال في الرّجوع اليه على سبيل الاستمرار وان كنتم غافلين عن ذلك الرّجوع فاحذروا من مخالفته (وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ) من الأصنام والكواكب ومن الجنّ والشّياطين أو من ائمّة الضّلالة (مِنْ دُونِهِ) اى من دون اذن الله ، أو حالكونهم غير الله ، أو من دون علىّ (ع) فانّ الكلّ لا يملكون (الشَّفاعَةَ) فكيف بمالكيّته شيء من السّماوات والأرض (إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِ) استثناء متّصل ان أريد بالّذين يدعون مطلق المعبودات من المسيح والعزير والملائكة والأصنام والكواكب والائمّة الباطلة ، وان أريد الأصنام فالاستثناء منقطع ، هذا إذا كان المستثنى منه فاعل يدعون