أقوى قوّة وأكثر أموالا وأولادا وأطول أعمارا ومعذلك (أَهْلَكْناهُمْ) بكفرهم وهؤلاء اخسّ أحوالا منهم واشدّ كفرا فكيف نفعل بهم؟! (إِنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ) حتّى نكون نلعب بخلقهم ولا نتعرّض بهم وثوابهم وعقابهم (ما خَلَقْناهُما) وما بينهما (إِلَّا بِالْحَقِ) الّذى هو الولاية المطلقة الّتى بها حقّيّة كلّ ذي حقّ فاذا كان خلقهما وخلق نتائجهما بالحقّ فلا تكون تؤل الى باطل أو تصير باطلة (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) ليس لهم علم أصلا بل كان ما لهم من صورة العلم جهلا مشابها للعلم ولذلك تراهم أعداء لأهل العلم أو لا يعلمون انّ ذلك كذلك (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ) اى يوم القيامة (مِيقاتُهُمْ أَجْمَعِينَ) فنفصل هناك بين المحقّ والمبطل والعالم والجاهل المشابه للعالم (يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً) اى شيئا من الإغناء أو شيئا من عذاب الله (وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) اى لا ينصرهم بعد ابتلائهم مواليهم ولا غير الموالي (إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللهُ) استثناء من مولى الاوّل أو الثّانى أو من مرفوع ينصرون ، ومن رحمهالله منحصر بمن قبل الولاية بالبيعة الخاصّة ، أو من قبل الولاية حال حضور علىّ (ع) وقت الاحتضار (إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ) تعليل لعدم إغناء الموالي وعدم النّصرة (الرَّحِيمُ) تعليل لشفاعة من رحمهالله ، عن الصّادق (ع): والله ما استثنى الله عزّ ذكره بأحد من أوصياء الأنبياء (ع) ولا اتباعهم ما خلا أمير المؤمنين (ع) وشيعته فقال في كتابه وقوله الحقّ : يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا ولا هم ينصرون الّا من رحم الله يعنى بذلك عليّا (ع) وشيعته (إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعامُ الْأَثِيمِ) قد مرّ بيان شجرة الزّقّوم في سورة الصّافّات (كَالْمُهْلِ) المهل اسم لجميع معدنيّات الجواهر كالفضّة والحديد ونحوهما ، والقطران الرّقيق وما ذاب من صفر أو حديد ، والزّيت أو درديّه أو رقيقه ، والسّمّ والقيح وصديد الميّت ، (يَغْلِي فِي الْبُطُونِ كَغَلْيِ الْحَمِيمِ) الماء الحارّ المنتهى في الحرارة (خُذُوهُ) جواب لسؤال مقدّر ، أو حال بتقدير القول اى يقال للزّبانية خذوه (فَاعْتِلُوهُ) عتله جرّه عنيفا (إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ) اى وسطها (ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذابِ الْحَمِيمِ) اى من الماء الحارّ غاية الحرارة واضافة العذاب للاشارة الى انّ المنظور من صبّ ذلك الماء عذابه به قائلين (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ) يعنى يقال ذلك له استهزاء ، روى انّ أبا جهل قال لرسول الله (ص) : ما بين جبليها اعزّ ولا أكرم منّى ، فيعيّر بذلك في النّار (إِنَّ هذا ما كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ) تشكّون أو تجادلون (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ) صاحبه من الشّرور والآفات (فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ يَلْبَسُونَ مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ) السّندس الرّقيق من الحرير ، والإستبرق الغليظ منه (مُتَقابِلِينَ) فانّ التّقابل أشرف أنواع المجالسة (كَذلِكَ) قد مضى هذا اللّفظ قبيل هذا (وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ) الحوراء مؤنّث أحور الأبيض ، والعيناء مؤنّث أعين عظيم العينين (يَدْعُونَ فِيها بِكُلِّ فاكِهَةٍ) يدعون كلّ أنواع الفاكهة في كلّ زمان لا اختصاص بشيء منها بزمان دون زمان ولا مكان دون مكان (آمِنِينَ) من الآفات والشّرور (لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى وَوَقاهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ فَضْلاً مِنْ رَبِّكَ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) للخلاص من المكاره والفوز بما ليس فيه شوب تعب ولا خوف زوال (فَإِنَّما يَسَّرْناهُ) اى القرآن أو ما ذكر من الجنان ونعيمها أو فضل