ولاية علىّ (ع) وقرأناها (بِلِسانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ فَارْتَقِبْ) فانتظر ما وعدناهم من العذاب (إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ) لحلول النّقمة بك أو انّهم مثل من يرتقب امرا يرتقبون ما تذكر لهم من العذاب.
سورة الجاثية
مكّيّة كلّها ، وقيل : الّا آية : (قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا) ، سبع وثلاثون آية
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(حم تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ إِنَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ) قد مضى مكرّرا انّ في خلقة كلّ من السّماوات والأرض آيات عديدة من كواكب السّماء وكيفيّة حركاتها المتناسقة ومزاجها وتأثيراتها الغريبة ، ومن كون الأرض بسيطة ساكنة لا يغمر فيها الرّجل ، وليست بصلبة حتّى لا يمكن التّصرّف فيها بالزّراعات والعمارات واجراء القنوات وغير ذلك ، وفي ازدواج السّماوات والأرض وتأثير السّماوات وما فيها في الأرض وتأثّر الأرض وما فيها منها أيضا آيات ، وفي خلقة كلّ من مواليد الأرض بحيث يطلب كمال نوعه ويفرّ ممّا يضرّ بذاته وكماله وبحيث يتهيّئوا له ويجتمع فيه أسباب تحصيل كماله المفقود وحفظ كماله الموجود آيات عديدة لكن كلّ ذلك آيات للمؤمنين البائعين البيعة العامّة أو الخاصّة ، أو للمذعنين المنقادين الّذين القوا السّمع لا للغافلين المعرضين (وَفِي خَلْقِكُمْ وَما يَبُثُّ مِنْ دابَّةٍ) اى من ذي روح يكون له حركة (آياتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) غيّر الأسلوب اشعارا بانّ من حصل له اليقين لا يكون يقينه الّا في ازدياد وحصول على التّدريج فانّ صاحب اليقين هو الّذى يكون له قلب وليس الّا من بايع البيعة الخاصّة واشتغل بنفسه ووجد بوجدانه آثار عمله ، ومن صار كذلك يزداد يقينه العلمىّ والوجدانىّ الى ان حصل له اليقين الشّهودىّ واليقين التّحقّقىّ ، ولمّا كان آيات خلق الإنسان وخلق سائر الدّوابّ بالنّسبة الى آيات السّماوات والأرض أخفى منها لا بدّ وان يكون للمؤمن يقين بآثار ايمانه حتّى يدرك آيات خلقة الإنسان خصوصا آيات الأنفس ، فانّ إدراكها لا يكون الّا بعد الاشتغال بالنّفس ووجدان صفات النّفس رذائلها وخصائلها واليقين بآثار الأعمال وضرر الرّذائل ونفع الخصائل ، والّا بعد اليقين بآثار صفات الله تعالى ووجدانها في وجوده (وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) اى اختلاف اللّيل والنّهار الطّبيعيّين بتعاقبهما ، وبالبرودة والحرارة وبالزّيادة والنّقيصة وبالظّلمة والاضاءة ، وكذلك اختلاف عالم الطّبع وعالم المثال والسّقم والصّحّة والغمّ والسّرور وغير ذلك من مصاديق اللّيل والنّهار (وَما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ رِزْقٍ) من أسباب رزق من الأمطار واشعّة الكواكب وبرودة الهواء وبرودة اللّيل وحرارة النّهار أو من رزق انسانىّ من الكمالات النّفسانيّة الّتى تنزل من سماء العقول والنّفوس ، وأتى بالرّزق منكّرا تحقيرا بالنّسبة الى الرّزق الجسمانىّ وتفخيما بالنّسبة الى الرّزق الانسانىّ (فَأَحْيا بِهِ) اى بأسباب الرّزق الجسمانىّ أو بنفس الرّزق الانسانىّ (الْأَرْضَ) الطّبيعيّة بتهييج القوى والعروق المكمونة فيها والأرض الانسانيّة بحيوة العلم والدّين والايمان (بَعْدَ مَوْتِها) بعد كونها ميتة (وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ) وفي تصريفها بقاء المواليد وحركات السّحاب وتوسعة الأمطار في البلاد ورفع العفونات عن الهواء (آياتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)