عن عذاب الله فلو لا نصر السّابقين الّذين حلّ بهم العذاب آلهتهم (بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ) ولم يثبتوا معهم (وَذلِكَ) الاتّخاذ (إِفْكُهُمْ) وصرفهم عن طريق الحقّ (وَما كانُوا يَفْتَرُونَ) ما موصولة وعطف على إفكهم أو استفهاميّة أو نافية بتقدير الاستفهام (وَإِذْ صَرَفْنا) واذكر أو ذكّر قومك إذ صرفنا (إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِ) والمعنى صرّفناهم إليك من محالّهم بالتّوفيق ، وقيل : صرّفناهم إليك عن استراق السّمع من السّماء برجوم الشّهب ولم يكونوا بعد عيسى قد صرفوا منه فقالوا : ما هذا الّذى حدث في السّماء الّا من أجل شيء قد حدث في الأرض فضربوا في الأرض حتّى وقفوا على النّبىّ (ص) وهو يصلّى الفجر فاستمعوا القرآن (يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ) اى النّبىّ (ص) أو القرآن (قالُوا) بعضهم لبعض (أَنْصِتُوا) نستمع قراءته بلا مانع (فَلَمَّا قُضِيَ) فرغ منه (وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ قالُوا) بدل من منذرين أو حال أو مستأنف جواب لسؤال مقدّر (يا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ) من الكتب (يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ) المراد بالحقّ احكام الملّة وبالطّريق المستقيم الولاية أو بالعكس ، أو المراد بهما هي الولاية من قبيل عطف أو صاف متعدّدة لشيء واحد.
نقل انّه لمّا توفّى ابو طالب اشتدّ البلاء على رسول الله (ص) فعمد ليقف بالطّائف رجاء ان يؤووه فوجد ثلاثة نفر منهم هم سادة وهم اخوة فعرض عليهم نفسه ، فقال أحدهم : انا أسرق ثياب الكعبة ان كان الله بعثك بشيء قطّ ، وقال الآخر : أعجز على الله ان يرسل غيرك؟ ـ وقال الآخر : والله لا اكلّمك بعد مجلسك هذا أبدا ، فلئن كنت رسولا كما تقول فأنت أعظم خطرا من ان يردّ عليك الكلام وان تكذب على الله فما ينبغي لي ان اكلّمك ، وتهزؤا به وأفشوا في قومه ما راجعوه به ، فقعدوا له صفّين على طريقه ، فلمّا مرّ رسول الله (ص) بين صفّيهم جعلوا لا يرفع رجليه ولا يضعهما الّا رضخوهما بالحجارة حتّى أدموا رجليه ، فخلص منهم وهما يسيلان دما الى حائط من حوائطهم واستظلّ في ظلّ منه وهو مكروب موجع تسيل رجلاه دما ، فاذا في الحائط عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة فلمّا رآهما كره مكانهما لما يعلم من عداوتهما لله ولرسوله ، فلمّا رأياه أرسلا اليه غلاما لهما يدعى عداس معه عنب وهو نصرانىّ من أهل نينوى فلمّا جاءه قال له رسول الله (ص): من اىّ ارض أنت؟ ـ قال : من أهل نينوى ، قال : من مدينة العبد الصّالح يونس بن متّى؟ ـ فقال له عداس : وما يدريك من يونس بن متّى؟ ـ فقال : انا رسول الله (ص) ، والله تعالى أخبرني خبر يونس بن متّى ، فلمّا أخبره بما أوحى الله اليه من شأن يونس خرّ عداس ساجدا لرسول الله (ص) وجعل يقبّل قدميه وهما يسيلان الدّماء ، فلمّا بصر عتبة وشيبة ما يصنع غلامهما سكتا فلمّا أتاهما قالا : ما شأنك سجدت لمحمّد (ص) وقبّلت قدميه؟ ـ ولم ترك فعلت ذلك بأحد منّا؟ ـ قال : هذا رجل صالح أخبرني بشيء عرفته من شأن رسول بعثه الله إلينا يدعى يونس بن متّى فضحكا وقالا : لا يفتننّك عن نصرانيّتك فانّه رجل خدّاع ، فرجع رسول الله (ص) الى مكّة حتّى إذا كان بنحلة قام في جوف اللّيل يصلّى فمرّ به نفر من جنّ أهل نصيبين من اليمن ، فوجدوه يصلّى صلوة الغداء ويتلو القرآن فاستمعوا له ، وروى غير ذلك في قصّة صرف الجنّ اليه ، من أراد فليرجع الى المفصّلات (يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ) الله أو الدّاعى (لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ وَمَنْ لا يُجِبْ داعِيَ اللهِ) ابتداء كلام من الله تعالى أو جزء كلام النّفر من الجنّ (فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءُ أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ أَوَلَمْ يَرَوْا) هذا أيضا امّا ابتداء كلام من الله أو جزء كلام الجنّ (أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ