الكمالات الانسانيّة ودرجات الجنان (وَيُصْلِحُ بالَهُمْ) حتّى لا يكون حين تلذّ ذاتهم الانسانيّة ما يغيّر حالهم (وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ) جواب لسؤال مقدّر أو حال والمعنى انّ الجنّة عرّفها الله لهم بانّ فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذّ الأعين وفيه الّذى ما خطر على قلب بشر (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ) قد مضى في سورة الحجّ بيان لهذه الآية (وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ) في دينكم الّذى هو ولاية علىّ (ع) (وَالَّذِينَ كَفَرُوا) بالولاية (فَتَعْساً لَهُمْ) تعسوا تعسا لهم والتّعس الهلاك والعثار والسّقوط والشّرّ والبعد والانحطاط ، والفعل كمنع وسمع ، ويستعمل متعدّيا فيقال : تعسه الله مثل أتعسه الله (وَأَضَلَّ أَعْمالَهُمْ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللهُ) في علىّ (ع) ، كذا روى عن الباقر (ع) الّا انّه كشط الاسم (فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ) اى ارض الطّبع أو ارض القرآن أو الاخبار أو السّير أو ارض العالم الصّغير (فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) ممّن كذّب بآيات الله ولم يصدّق خلفاء الله حتّى يتنبّهوا لقبح فعلهم وتكذيبهم وعقوبته (دَمَّرَ اللهُ عَلَيْهِمْ) دمر كنصر ودمّر من التّفعيل أهلك ، ودمر دمورا هجم هجوم الشّرّ ودخل بغير اذن (وَلِلْكافِرِينَ) بالولاية (أَمْثالُها ذلِكَ) التّدمير (بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا) بالولاية لا الّذين كفروا بها (وَأَنَّ الْكافِرِينَ) بالولاية (لا مَوْلى لَهُمْ إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا) مستأنفة جواب لسؤال مقدّر كأنّه قيل : ما يفعل الله بهم في كونه مولى لهم؟ ـ وما يفعل بالكافرين في كونهم لا مولى لهم؟ ـ والمراد بالايمان البيعة الخاصّة الولويّة أو الحالة الحاصلة بها ، أو البيعة العامّة النّبويّة ، والمراد بالعمل الصّالح البيعة الخاصّة (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا) بولاية ولىّ أمرهم (يَتَمَتَّعُونَ) يتلذّذون (وَيَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ) يعنى يتمتّعون كالأنعام من غير نظر الى عاقبتهم وعاقبة تمتّعهم (وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ) وهي مكّة (أَهْلَكْناهُمْ فَلا ناصِرَ لَهُمْ أَفَمَنْ كانَ) يعنى الم يكن عندنا تميز فمن كان (عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ) وهو علىّ (ع) كما مضى في سورة هود (كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ) عن الباقر (ع) هم المنافقون (مَثَلُ الْجَنَّةِ) جواب سؤال مقدّر كأنّه قيل : ما وصف الجنّة الموعودة للمؤمنين وحكايتها؟ ـ فقال : وصف الجنّة (الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ) غير متغيّر بحسب الطّعم والرّيح واللّون والجملة خبر المثل ، واكتفى عن الرّابط بكونها عين المبتدأ (وَأَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ) مصدر بمعنى الوصف أو وصف ، وخمر الجنّة لا حرمة فيها ولا نجاسة ولا غائلة خمار ولأنتن ريح ولا مرارة طعم ولذلك وصفها باللّذّة (وَأَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى) ممّا يخالط العسل الدّنيوىّ (وَلَهُمْ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ) الدّنيويّة والاخرويّة من ثمرات العلوم والمشاهدات والتّسبيح والتّحميد (وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ) فوق الكلّ (كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النَّارِ) خبر مبتدء محذوف اى امن كان في الجنّة في تلك النّعم كمن هو خالد في النّار (وَسُقُوا ماءً حَمِيماً) مسخّنا وقد يكون الحميم بمعنى الماء البارد ولكنّ المراد هاهنا الاوّل (فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ) من فرط حرارته ، وهذا مقابل الأنهار الّتى وعد المتّقون (وَمِنْهُمْ) من المنافقين