(مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ) يعنى انّ مقصودهم من الاستماع الاستهزاء بك أو المعنى منهم من هو مطبوع على قلبه فيستمعون إليك ولا يفهمون كلامك حتّى إذا خرجوا من عندك (قالُوا) لعدم تفطّنهم بكلامك (لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ما ذا قالَ آنِفاً أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا) الى ولاية علىّ (ع) (زادَهُمْ) الله ، أو محمّد (ص) ، أو ما قال محمّد (ص) ، أو استهزاء المنافقين (هُدىً وَآتاهُمْ) الضّمير الفاعل لواحد من المذكورات (تَقْواهُمْ) يعنى صار سببا لاتّصافهم بالتّقوى اللّائقة بهم أو آتاهم ثواب تقويهم من العلم والذّكاوة (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ) بدل من السّاعة بدل الاشتمال ، أو بتقدير اللّام وتعليل لانتظارهم (بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها) جمع الشّرط بالتّحريك بمعنى العلامة فانّ من علاماتها في العالم الكبير بعثة محمّد (ص) وانشقاق القمر ونزول آخر الكتب ، وفي العالم الصّغير اوّل الأشراط نزول العقل من عالمه العلوىّ فيه ثمّ التّغييرات الّتى تكون فيه ثمّ الأمراض الّتى ترد عليه وغير ذلك ممّا يدلّ على زواله ودثوره ، وقرئ ان تأتهم بكسران وجزم تأتهم وجوابه فقد جاء أشراطها يعنى ان تأتهم بغتة فلا غرو فيه فقد جاء أشراطها ، أو جوابه قوله تعالى (فَأَنَّى لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ) السّاعة (ذِكْراهُمْ) يعنى لا ينفع ذكريهم إذا جاءتهم السّاعة ، ويجوز ان يكون فاعل جاءتهم ذكريهم ، عن النّبىّ (ص) انّ من أشراط السّاعة ان يرفع العلم ، ويظهر الجهل ، ويشرب الخمر ، ويفشو الزّنا ، ويقلّ الرّجال ، وتكثر النّساء ، حتّى انّ الخمسين امرأة فيهنّ واحد من الرّجال،
حديث في أحوال النّاس في آخر الزّمان
وقال القمّىّ : انّ ابن عبّاس قال : حججنا مع رسول الله (ص) حجّة الوداع فأخذ بحلقة باب الكعبة ثمّ اقبل علينا بوجهه فقال : الا أخبركم بأشراط السّاعة؟ ـ فكان ادنى النّاس منه يومئذ سلمان رحمهالله فقال : بلى يا رسول الله (ص) ، فقال : انّ من أشراط القيامة اضاعة الصّلوات ، واتّباع الشّهوات ، والميل مع الأهواء ، وتعظيم أصحاب المال ، وبيع الدّين بالدّنيا ، فعندها يذاب قلب المؤمن في جوفه كما يذاب الملح في الماء ممّا يرى من المنكر فلا يستطيع ان يغيّره ، قال سلمان : وانّ هذا لكائن يا رسول الله (ص)؟ ـ قال ، اى والّذى نفسي بيده ، يا سلمان انّ عندها يليهم أمراء جورة ، ووزراء فسقة ، وعرفاء ظلمة ، وأمناء خونة ، فقال سلمان : وانّ هذا لكائن يا رسول الله (ص)؟ ـ قال : اى والّذى نفسي بيده ، يا سلمان انّ عندها يكون المنكر معروفا والمعروف منكرا ، ويؤتمن الخائن ويخون الأمين ، ويصدّق الكاذب ويكذّب الصّادق ، قال سلمان : وانّ هذا لكائن يا رسول الله (ص)؟ ـ قال : اى والّذى نفسي بيده ، يا سلمان فعندها تكون إمارة النّساء ومشاورة الإماء وقعود الصّبيان على المنابر ويكون الكذب ظرفا (١) والزّكاة مغرما والفيء مغنما ، ويجفو الرّجل والديه ويبرّ صديقه ويطلع الكوكب المذنب ، قال سلمان : وانّ هذا لكائن يا رسول الله (ص)؟ ـ قال : اى والّذى نفسي بيده ، يا سلمان وعندها تشارك المرأة زوجها في التّجارة ، ويكون المطر قيظا ويغيظ الكرام غيظا ، ويحتقر الرّجل المعسر فعندها تقارب الأسواق إذ قال هذا : لم أبع شيئا ، وقال هذا ، لم اربح شيئا فلا ترى الّا ذامّا لله ، قال سلمان : وانّ هذا لكائن يا رسول الله (ص)؟ ـ قال : اى والّذى نفسي بيده ، يا سلمان فعندها يليهم أقوام ان تكلّموا قتلوهم وان سكتوا استباحوهم ، ليستأثرون بفيئهم ، وليطؤنّ حرمتهم ، وليسفكنّ دماءهم ، وليملأنّ قلوبهم دغلا ورعبا فلا تراهم الّا وجلين خائفين مرعوبين مرهوبين ، قال سلمان : وانّ هذا لكائن يا رسول الله (ص)؟ ـ قال : اى والّذى نفسي بيده ، يا سلمان انّ عندها يؤتى بشيء من المشرق وبشيء من المغرب يلون أمّتي ، فالويل لضعفاء أمّتي منهم والويل لهم من الله لا يرحمون صغيرا ولا يوقّرون كبيرا ولا يتخافون عن مسيء جثّتهم جثّة الآدميّين وقلوبهم قلوب الشّياطين ، قال
__________________
(١) الظّرف كالضّرب والظّرافة وهو حسن القول أو حسن الوجه والهيئة أو حسن اللّسان والبراعة وذكاء القلب أو من لا يوصف الّا الفتيان.