سلمان : وانّ هذا لكائن يا رسول الله (ص)؟ ـ قال : اى والّذى نفسي بيده ، يا سلمان وعندها يكتفى الرّجال بالرّجال والنّساء بالنّساء ويغار (١) على الغلمان كما يغار على الجارية في بيت أهلها ، وتشبّه الرّجال بالنّساء والنّساء بالرّجال وتركبن ذوات الفروج السّروج فعليهنّ من أمّتي لعنة الله ، قال سلمان : وانّ هذا لكائن يا رسول الله (ص)؟ ـ قال : اى والّذى نفسي بيده ، يا سلمان انّ عندها تزخرف المساجد كما تزخرف البيع والكنائس وتحلّى المصاحف وتطوّل المنارات وتكثر الصّفوف بقلوب متباغضة والسن مختلفة ، قال سلمان : وانّ هذا لكائن يا رسول الله (ص)؟ ـ قال : اى والّذى نفسي بيده ، يا سلمان وعندها تحلّى ذكور أمّتي بالذّهب ويلبسون الحرير والدّيباج ويتّخذون جلود النّمور صفافا (٢) ، قال سلمان : وانّ هذا لكائن يا رسول الله (ص)؟ ـ قال : اى والّذى نفسي بيده ، يا سلمان وعندها يظهر الرّبا ويتعاملون بالعينة (٣) والرّشى ، ويوضع الدّين وترفع الدّنيا ، قال سلمان : وانّ هذا لكائن يا رسول الله (ص)؟ ـ قال : اى والّذى نفسي بيده ، يا سلمان وعندها يكثر الطّلاق فلا يقام لله حدّ ولن يضرّوا الله شيئا ، قال سلمان : وانّ هذا لكائن يا رسول الله (ص)؟ ـ قال : اى والّذى نفسي بيده ، يا سلمان وعندها تظهر المغنيّات والمعازف (٤) وتليهم أشرار أمّتي ، قال سلمان : وانّ هذا لكائن يا رسول الله (ص)؟ ـ قال : اى والّذى نفسي بيده ، يا سلمان وعندها يحجّ أغنياء أمّتي للنّزهة ، ويحجّ أوساطهم للتّجارة ، ويحجّ فقراؤهم للرّيا والسّمعة فعندها تكون أقوام يتعلّمون القرآن لغير الله ويتّخذونه مزامير ، ويكون أقوام يتفقّهون لغير الله ، ويكثر أولاد الزّنا ويتغنّون بالقرآن ويتهافتون (٥) بالدّنيا ، قال سلمان : وانّ هذا لكائن يا رسول الله (ص)؟ ـ قال : اى والّذى نفسي بيده ، يا سلمان ذلك إذا انتهكت المحارم واكتسبت المآثم ، وسلّط الأشرار على الأخيار ، ويفشوا لكذب ، وتظهر اللّجاجة ، وتفشو الفاقة ، ويتباهون في اللّباس ، ويمطّرون في غير أوان المطر ، ويستحسنون الكوبة (٦) والمعازف ، وينكرون الأمر بالمعروف والنّهى عن المنكر حتّى يكون المؤمن في ذلك الزّمان اذلّ من الأمة ويظهر قرّاءهم وعبّادهم فيما بينهم التّلاوم فأولئك يدعون في ملكوت السّماوات الارجاس الأنجاس ، قال سلمان : وانّ هذا لكائن يا رسول الله (ص)؟ ـ قال : اى والّذى نفسي بيده ، يا سلمان فعندها لا يخشى الغنىّ الّا الفقر حتّى انّ السّائل يسئل فيما بين الجمعتين لا يصيب أحدا يضع في كفّه شيئا ، قال سلمان : وانّ هذا الكائن يا رسول الله (ص)؟ ـ قال : اى والّذى نفسي بيده ، يا سلمان عندها يتكلّم الرّويبضة ، فقال سلمان : وما الرّويبضة يا رسول الله (ص)؟! فداك ابى وأمّي ، قال : يتكلّم في امر العامّة من لم يكن يتكلّم ، فلم يلبثوا الّا قليلا حتّى تخور الأرض خورة فلا يظنّ كلّ قوم الّا انّها خارت في ناحيتهم فيمكثون ما شاء الله ثمّ ينكثون في مكثهم فتلقى لهم الأرض أفلاذ (٧) كبدها ذهبا وفضّة ، ثمّ أومى بيده الى الأساطين فقال : مثل هذا ، فيومئذ لا ينفع ذهب ولا فضّة فهذا معنى قوله : فقد جاء أشراطها (فَاعْلَمْ) يعنى إذا علمت ذلك فاعلم (أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَاللهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ) تقلّبكم وانتقالاتكم فانّ لكم انتقالات من اوّل استقرار نطفكم وموادّكم في الأرحام الى آخر الدّنيا وهكذا في البرازخ الى الأعراف ، أو محالّ تقلّبكم من مراتب الدّنيا والبرازخ (وَمَثْواكُمْ) في مراتب الآخرة الّتى هي كثيرة بحسب مراتب النّاس (وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْ لا نُزِّلَتْ سُورَةٌ) في امر الجهاد أو مطلقة والمراد بالمؤمنين مطلق المسلمين أو المنافقون منهم أو المؤمنون بالبيعة الخاصّة الولويّة (فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ)
__________________
(١) أغار اهله تزوّج عليها.
(٢) الصّفف ما يلبس تحت الدرع.
(٣) بيع العينة بيع الشّيء الى أجل بزيادة على ثمنه.
(٤) المعازف آلات الطّرب كالطّنبور والعود.
(٥) اى يتفاخرون ويتسابقون ، تهافت على الشّيء بمعنى تساقط وتتابع وأكثر استعماله في الشّر.
(٦) الكوبة النّرد والشّطرنج والطّبل الصّغير والبربط.
(٧) الفلذ كبد البعير وأ فلا ذا الأرض كنوزها.