وحيرته بحيث لا يميّز بين الأشرف وغير الأشرف ، والخبر محذوف أو الخبر والمعادل كلاهما محذوفان (وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ) وضع الظّاهر موضع المضمر اشارة الى ظلمهم وذمّهم بذلك وتلويحا الى علّة الحكم وهو عطف على يتّقى والاختلاف بالمضىّ والمضارعة للاشارة الى استمرار العذاب والاتّقاء بخلاف هذا القول كأنّه قال : أفمن يتّقى بوجهه سوء العذاب ويتّهكم به بهذا القول خير أم من هو آمن؟ (ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ) اى نفس ما كنتم تعملون أو جزاءه على ما مضى من تجسّم الأعمال وجزائها أيضا بالجزاء المناسب لها (كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) جواب لسؤال مقدّر كأنّه قيل : هل لهم نظير في تكذيبهم؟ ـ فقال تعالى : كذّب الّذين من قبلهم (فَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ فَأَذاقَهُمُ اللهُ الْخِزْيَ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) تفصيل لعذابهم الآتي يعنى أتاهم العذاب فأذاقهم الله ذلك العذاب بالمسخ أو الخسف أو القتل أو الاجلاء أو السّبى أو النّهب أو البلايا الواردة الإلهيّة فانّها ان كانت نعمة بالنّسبة الى المؤمنين كانت نقمة بالنّسبة الى المنافقين والكافرين (وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ) فانّ عذاب الدّنيا وان كان اشدّ ما يكون يكون جزء من سبعين جزء من عذاب الآخرة (لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) لاجتنبوا أو لفظة لو للتّمنّى (وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ) اى بعضا من كلّ مثل يحتاج اليه النّاس في معاشهم ومعادهم (لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) أحوالهم وأحوال دنياهم وآخرتهم (قُرْآناً) حال موطّئة (عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ) غير ذي انحراف عن الطّريق المستقيم الانسانىّ (لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) الانحراف عن طريق الإنسان (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً) للكافر والمؤمن والمنافق والموافق حتّى يتذكّر المؤمن المخلص حاله ويشكر ربّه والكافر والمنافق فينزجر عنها ويتوب (رَجُلاً) بدل من مثلا بتقدير مثل رجل (فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ) اى مختلفون متعاسرون (وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ) بدل من مثلا بتقدير مثل رجل (فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ) اى مختلفون متعاسرون (وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ) فانّ المتّبع للأهواء الّذى يتّبع غير ولىّ الأمر ينبغي ان يرى في نفسه تجاذب اهويته له الى إرادات عديدة ومشتهيات كثيرة بحيث قد يتحيّر ويقف عن الكلّ ويبغض نفسه في ذلك ، وما لم يتّبع هواه لم يتّبع رئيسا باطلا والمتّبع لولىّ الأمر الغير المتّبع لهواه يرى في نفسه انّه مستريح الى ربّه لا يجذبه ارادة وهوى الى غير ربّه ، وهذا النّاظر إذا نظر الى حال المتّبع للأهواء يشكر ربّه لا محالة والمتّبع للأهواء ان تنبّه بحاله انزجر لا محالة وتاب منه لكن قلّ من يتنبّه لانغمارهم في اهويتهم وسكرهم وغفلتهم وقد فسّر السّلم في اخبار عديدة بعلىّ (ع) وشيعته والرّجل الّذى فيه شركاء بأعداء علىّ (ع) (هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً) حالا أو حكاية (الْحَمْدُ لِلَّهِ) إظهار للشّكر على نعمة عدم الاستواء تعليما للعباد (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) ليس لهم مقام علم ، أو لا يعلمون عدم الاستواء لطموح نظرهم على المتاع الفاني ، أو لا يعلمون أحوالهم حتّى ينزّلوا هذا المثل على أحوالهم فيتنبّهوا وينزجروا (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) بشارة وتسلية له ولموافقى أمّته وتهديد لمخالفيه ومنافقي أمّته (ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ) تسلية تامّة لعلىّ (ع) وشيعته ، وتهديد تامّ لمخالفيهم وقد فسّر المتخاصمون بعلىّ (ع) وأعدائه.
الجزء الرّابع والعشرون
(فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللهِ) يعنى فلم يكن حينئذ أظلم منهم وهذا تهديد آخر لهم وتسلية اخرى لعلىّ (ع)