ودخلوا فيه من غير سيف ، وعن الصّادق (ع) انّه سئل : الم يكن علىّ (ع) قويّا في بدنه قويّا في امر الله؟ ـ فقال : بلى ، قيل : فما منعه ان يدفع أو يمتنع لها؟ ـ قال : فافهم الجواب ، منع عليّا (ع) من ذلك آية من كتاب الله تعالى ، فقيل : واىّ آية؟ ـ فقرأ : لو تزيّلوا (الآية) كان لله تعالى ودائع مؤمنون في أصلاب قوم كافرين ومنافقين فلم يكن علىّ (ع) ليقتل الآباء حتّى تخرج الودائع ، فلمّا خرجت ظهر على من ظهر وقتله ، وكذلك قائمنا أهل البيت لن يظهر أبدا حتّى يخرج ودائع الله فاذا خرجت يظهر على من يظهر فيقتله ، وفي هذا المعنى اخبار عديدة ، وقال (ع): لو اخرج الله ما في أصلاب المؤمنين من الكافرين وما في أصلاب الكافرين من المؤمنين لعذّبنا الّذين كفروا (إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا) إذ ظرف أو تعليل لقوله : عذّبنا أو لقوله : انزل الله ولفظة الفاء مثلها في قوله تعالى بل الله فاعبد (فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ) الحميّة مصدر حماه بمعنى منع منه أو منعه عن شيء أو مصدر حمى من الشّيء كرضى أنف منه والمقصود من الحميّة السّجيّة الّتى تحمل الإنسان على حفظ عرضه وحسبه ونسبه وأقاربه وما ينسب اليه عن الوقع فيها والازدراء لها بحقّ أو بباطل وهي ناشئة من انانيّة النّفس والاعجاب بها ، وهي أصل جملة الشّرور والمعاصي ، أو السّجيّة الّتى تحمل الإنسان على الانفة وعدم الانقياد لشيء حقّا كان أو باطلا وهي أيضا ناشئة من انانيّة النّفس واستكبارها على الغير وتحقيره (حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ) بيان للحميّة أو تقييد لها بأكمل افرادها (فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ) قد مضى قبيل هذا ذكر السّكينة (وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى) المراد بكلمة التّقوى هي السّكينة أو الولاية الّتى هي مورثة السّكينة ، أو سجيّة التّقوى عن الانحراف الى الطّرق المنحرفة يعنى مكّن منهم السّكينة أو الولاية أو التّقوى (وَكانُوا أَحَقَّ بِها وَأَهْلَها) اى احقّ بتلك الكلمة أو بالسّكينة أو بمكّة (وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) يعنى انّ الله يعلم قدر استحقاق كلّ واحقّيّة كلّ بكلّ (لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا) جواب لما قالوا بعد صدّهم عن مكّة انّ محمّدا (ص) وعدنا دخول مكّة وما دخلنا وما حلّقنا وما قصّرنا (بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ) قيل : الاستثناء تعليم للعباد كيف يتكلّمون إذا أخبروا عن الآتي ، وقيل : الاستثناء باعتبار حال الدّاخلين فانّ منهم من مات قبل الدّخول ولم يدخل كأنّه قال : لتدخلنّ كلّكم ان شاء الله ، وقيل : الاستثناء باعتبار الأمن من العدوّ ، وقيل : ان هاهنا بمعنى إذ ، اى إذ شاء الله ، والحقّ انّه هاهنا للتّبريك ومحض التّعليم (مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ فَعَلِمَ) من الصّلاح في إجمال الوعد وعدم التّصريح بوقته (ما لَمْ تَعْلَمُوا) فانّه كان في صدّكم عن المسجد الحرام وصلحكم مع قريش بذلك الصّدّ منافع كثيرة للإسلام واهله وقوّة عظيمة ونشر للإسلام (فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ) الدّخول (فَتْحاً قَرِيباً) هو فتح خيبر أو صلح الحديبية فانّه اختلط المسلمون بالمشركين بذلك الصّلح وتمكّنوا من إظهار الإسلام وسمع المشركون بأحكام الإسلام ورغبوا فيه وتقوّى الإسلام به ودخل محمّد (ص) وأصحابه في العام المقبل وهو سنة السّبع من الهجرة مكّة في كمال الشّوكة والعزّة (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى) بأحكام الإسلام الّتى هي ما به الاهتداء الى الايمان (وَدِينِ الْحَقِ) اى الولاية فانّها الدّين والطّريق الحقّ الى الله تعالى (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ) اى جنس الدّين (كُلِّهِ) بان يجعل جميع الأديان تحته ويجعل دينه محيطا بالكلّ بحيث لم يبق دين من لدن آدم (ع) الى انقراض العالم الّا وهو شعبة من دينه وليظهره بحسب الظّاهر على كلّ الأديان بحيث لم يبق في بقعة من بقاع الأرض دين سوى دينه ، وإتمام هذا في ظهور القائم (ع) وقد مضى هذه الآية في سورة التّوبة (وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً) لرسوله أقررتم أم لم تقرّوا (مُحَمَّدٌ