باحتمال الصلاح في المتاركة والكف شيئا قليلا عن الدوام في الدعوة التي أمره الوحي بها فسدده الله وثبته على ان الصلاح إنما هو بالدوام على الدعوة ولو لا هذا التثبيت لكاد رسول الله أن يركن إليهم شيئا قليلا من المتاركة لاحتمال الصلاح والنجاح ، فلم يكن المشركون ليفتنوه ولكن كادوا ، ولم يركن رسول الله إليهم شيئا قليلا ولكن كاد.
فأين منطوق الآيتين ومرماهما من مقصود المتكلف المحال. وكيف لا يقبح الاستشهاد بالاولى منهما على أن رسول الله لا يستنكف عن التعبد بآلهة قومه أفيجري في الوهم ان القرآن يسمي التعبد بآلهة المشركين شيئا قليلا.
وقد ترقى المتكلف فصار يدعي أسباب النزول حسب هواه ومشتهاه فصار يدعي أن بعض ما روي في سبب نزول الآية المتقدمة هو السبب في نزول قوله تعالى في سورة بني اسرائيل ٤١ : (وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَتُلْقى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَدْحُوراً).
مع انه لم يرد في ذلك عن المفسرين الذين عرفت حالهم في تفسير الآية شيء من هذه الأوهام على أن صريح السوق فيما قبل هذه الآية وما بعدها ينادي بأنها كأخواتها واردة لتعليم الناس وصايا الله من قبيل ـ إياك أعني واسمعي يا جارة ـ انظر الى اطراد الوصايا في هذه السورة من الآية الثالثة والعشرين الى الخامسة والأربعين حيث قال الله جل اسمه ٢٣ : (لا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولاً ٢٤ وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما وَقُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً).
أفيقول المتكلف ان الأمر بالإحسان بالوالدين كان المقصود منه رسول الله مع انه لم يدرك حياة أبويه. كلا بل أن السوق الجاري في هذه الآيات كالسوق الجاري في كثير من خطاب التوراة وخصوص العشرين من الخروج ٣ لا يكن لك آلهة اخرى امامي ٤ لا تصنع لك تمثالا منحوتا ١٧. وكذا الثالث والعشرين من الخروج والرابع والثلاثين ١١ ـ ٢٧ وغير ذلك فراجع.
ثم قال المتكلف «يه ١ ج ص ٦٥» لما كان المشركون يرون منه ميلا الى