بما أمره به من التوحيد وترك الأنداد وبيان النكال المعد للمشركين والبشرى للمؤمنين كما في الآية الرابعة عشر الى الآية الثانية والعشرين.
ومرة بتلقينه توبيخهم والإنكار عليهم بطمعهم في الموافقة لهم على الشرك وآيسهم من أوهام أطماعهم بتلقينه ان الله قد توعده وجميع الأنبياء قبله بالوعيد العظيم الشديد على الشرك فقال تعالى ٦٤ : (قُلْ أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ ٦٥ وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ) الآية ، فجاء الخطاب في هذه الآية لرسول الله وإعلامه بما اوحى إليه وإلى الأنبياء الذين من قبله مجيء الحجة والبرهان على مضمون الآية التي قبلها وهو الإنكار على المشركين فيما يدعونه إليه وتجهيلهم فيه ، بل والبرهان على التوحيد ونفي الانداد المتقدم في مضامين الآيات التي قبلها ، فأين المتكلف عن التبصر بهدى سورة الزمر (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها).
ثم قال المتكلف في شأن رسول الله «ص» ، وكما انه كان يقدم على المنكر المنهي عنه كان يتأخر عن أداء المأمور به لأنه كان يخشى بأس قومه ولما كان يرى ان موافقتهم لم تأت بفائدة ولا ثمرة كان يتخلص من ذلك بأن يدعى ان الله زجره فورد في سورة المائدة ٧١ (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ).
وعن الحسن : ان الله لما بعث رسوله ضاق ذرعا وعلم ان في الناس من يكذبه فقال هذه العبارة.
أقول : أما رواية الحسن فزيادة على كونها معارضة مقطوعة السند. مردودة بأن هذه الآية من سورة المائدة التي هي مدينة من آخر ما نزل من القرآن حينما أظهر الله دينه وكسرت دعوة الحق شوكة الشرك واخمدت نائرة المشركين فلا ربط لها بأصل البعثة وتكذيب المشركين ، بل أن صريح الآية ومرماها يناديان بأنها تحث على أمر هو غير أصل الدعوة وتعظم أمره ببيان ان تركه بمنزلة ترك التبليغ لأصل الدعوة وإلا فأي معنى لقوله فإن لم تبلغ أصل الدعوة فما بلغت أصل الدعوة.
وان سألت عن مرمى الآية وقصدها «قلنا» لا يمتنع أن يكون رسول الله