قد يؤمر بأمر سياسي وتدبير اجتماعي وقانون اصلاحي غير متعلق بحادثة وقتية يفوت الغرض منها بتأخير البيان ولا يكون في الوحي به تضييق بتعجيل التبليغ فيتربص رسول الله في تبليغه فرصة التأثر ويراعى في تأخيره سياسة الفائدة ومجال التنفيذ وعدم التشويش مراعاة لحكمة الوظيفة واعتمادا على توسعة الاطلاق فيأتيه بيان التضييق والتعجيل بصورة الحث والتشديد اشعارا للعباد بأهمية ذلك الأمر وتنويها بكبير شأنه في السياسة الدينية ونظام المدنية وانتظام الجامعة.
فلما ذا لا يحمل المتكلف الآية على هذا الوجه الواضح؟ ولما ذا يميل مع الهوى؟ ويعتل بالقيل؟ بل لنا أن نقول : ان المأمور به إذا كان عظيم الأثر في النظام العام كبير الفائدة في الاجتماع والجامعة ، فقد تقتضي الحكمة في الاشعار بأهميته والسياسة في تنفيذه وإجرائه وتثبيته في القلوب وجلبها إليه كما هو حقه أن يقرن الله الوحي به إلى الرسول المبلغ له بالحث والتشديد على تعجيل تبليغه ابتداء ومن دون سابقة له في الوحي فيجري الحث عليه على نحو فلسفي سياسي في براعة البيان ليكشف عن حسن أثره في الدين ، ومدخليته في الجامعة.
والشيعة من المسلمين يقولون : ان الآية نزلت في أمر رسول الله بنصب علي خليفة على امته من بعده وأخذ العهد له من الأمة بذلك وبالبناء عليه يتضح انطباق الآية وحسن مرماها.
ثم ان المتكلف «يه ١ ج ص ٦٦ ـ ٦٨» والمتعرب «تذ ٦٥» قد تعرضا لشأن تزوج رسول الله بزينب بنت جحش التي كانت عند مولاه زيد بن حارثة فاستفزهما ما فيهما إلى أن جاء في كلامهما بما يقبح حتى منهما فراجعه فإن الأوراق لأشرف من أن يسود وجهها بنقله.
وهاك خلاصة الأمر في القضية لا يخفى أن زيدا كان غلاما لرسول الله فجاء أبوه حارثة ليفكه من الرق ويأخذه فأبى زيد أن يتبعه رغبة في خدمة رسول الله لما رآه من بره وعظيم شأنه فشكر له رسول الله ذلك وأعتقه وعامله في البر معاملة الابن حتى دعاه الناس زيد بن محمد ، وزوجه زينب بنت جحش ، ثم طلقها زيد ولما انقضت عدتها تزوجها رسول الله حسب قوانين الشريعة المقدسة.