الفصل الرابع
في جواز تعلق علم بمعلوم ، أو معلومات على الجملة (١)
وقد اختلف في ذلك :
فذهبت المعتزلة ، والقاضى أبو بكر : إلى تجويزه.
وذهب كثير من أصحابنا ، وابن الجبائى ـ فى بعض أقواله ـ إلى المنع من ذلك.
وصورة المسألة : العلم بأن رجلا في الدار ؛ مع قطع النظر عن تمييزه ، وأن معلومات الله ـ تعالى ـ لا تتناهى ؛ مع قطع النّظر عن تفاصيلها. (٢) وقبل الخوض في التصحيح والإبطال ؛ لا بدّ من تلخيص محل النزاع.
فنقول : لا خفاء بأن المفهوم من العلم بأنّ معلومات الله ـ تعالى ـ غير متناهية ، وأن في الدّار رجلا ؛ غير المفهوم من العلم بتفاصيل المعلومات ، وتمييز الرجل عن غيره.
فعلى هذا : العلم بالجملة : إما أن يراد به : العلم بعدم النهاية في معلومات الرّب ـ تعالى ـ ويكون الرّجل في الدّار ، غير (٣) مشروط بملازمة الجهل (٣) بتفاصيل المعلومات ، وتمييز الرّجل [عن غيره (٤)] ؛ او العلم بذلك مشروط بملازمة الجهل بالتفاصيل والتمييز.
فإن كان الأول : فالعلم بالجملة غير مناف للعلم بالتفصيل والتمييز ؛ وهو غير ممتنع ، لا في حق القديم ، ولا في حق الحادث ، على ما لا يخفى. وسواء انفرد في حق الحادث العلم بالجملة عن العلم بالتفصيل ، أو لم ينفرد.
وإن كان الثانى : فالعلم بالجملة غير متصوّر في حق الله ـ تعالى ـ ؛ لما فيه من لزوم الجهل في حقّه ومتصوّر في حقّ المخلوق ؛ فإنّه لا يبعد علمنا بأنّ معلومات الله ـ تعالى ـ غير متناهية ، مع جهلنا بتفاصيلها.
__________________
(١) انظر المحصل للرازى ص ٧٠ ، ٧١ والمواقف للإيجي ص ١٤٤.
(٢) زائد في ب (قال شيخنا أبو الحسن الآمدي).
(٣) فى ب (مشروطة بملازمة الجملة).
(٤) ساقط من (أ).