فإن قيل : إذا جوّزتم تعلّق العلم الحادث بالمعلوم بهذا الاعتبار : فإما أن تجوزوا على الله ـ تعالى ـ العلم بما علمه العبد ـ على ما علمه (١) ـ أولا : فإن جوّزتم ذلك ، لزم الجهل في حقّ الله ـ تعالى ـ بالتّفاصيل (٢) ؛ وهو محال ، وإن لم تجوّزوا ذلك : فقد (٣) أوجبتم على الله ـ تعالى ـ الجهل بما علمه العبد ؛ وهو أيضا محال.
وأيضا : فإنّ العلم بالجملة بهذا الاعتبار لا يجامع العلم بالتّفصيل. وعند ذلك : فإما أن يكونا متضادّين ، أو غير متضادّين :
لا جائز أن يقال بالأول : إذ هو خلاف مذهبكم في العلوم المختلفة.
ولا جائز أن يقال بالثانى : وإلا لما تعذّر الاجتماع ؛ وهو خلاف الفرض.
وأيضا : فإن العلم بالمعلوم على الجملة / بهذا الاعتبار ؛ إذا كان لا ينفكّ عن الجهل بالتفصيل : فإمّا أن يكون العلم بالجملة هو الجهل بالتّفصيل ، أو غيره.
فإن كان الأول : فيلزم أن يكون العلم جهلا ؛ وهو محال.
وإن كان الثّاني : فلا ـ يمتنع أن يكون الأمر بالشيء ، غير النهى عن أضداده.
وإن كان لا ينفك الأمر بالشيء عن النهى عن أضداده ؛ ولم يقولوا به.
وهذه المحالات ، إنّما لزمت من القول بتعلق العلم الحادث بالمعلوم على الجملة بالاعتبار المذكور ؛ فيكون محالا.
والجواب عن الإشكال الأول : أنه لا يمتنع سلب العلم عن الله ـ تعالى ـ بما علمه العبد ؛ إذا كان إثبات ذلك العلم يجرّ إلى الجهل في حقّ الله ـ تعالى ـ ؛ بل سلبه واجب ، نفيا للجهل عنه. والعلم بالجملة بهذا الاعتبار يلازمه الجهل ؛ فكان ممتنعا في حقّ الله ـ تعالى ـ.
__________________
(١) فى ب (ما).
(٢) فى ب (فى التفاصيل).
(٣) فى ب (فإن).