الفصل الخامس
في اختلاف العلوم وتماثلها (١)
وكل علمين تعلقا بمعلومين فهما مختلفان. وسواء تماثل (٢) المعلومان كبياضين ، أو اختلفا ؛ كسواد ، وبياض (٢).
واحتج بعض الأصحاب (٣) عليه بأن (٣) العلم بأحد المعلومين ، لا يقوم (٤) مقام الآخر ، ولا يسدّ مسدّه (٤) ؛ وإلا كان العلم بأحد البياضين علما بالآخر ، والعلم بالبياض علما بالسّواد ؛ وهو محال.
ويلزم عليه البياضان ، والسوادان ، فإنهما متماثلان. وما لزم من تماثلهما أن يكون أحدهما هو الآخر ، فكذا لا يلزم من تماثل العلمين ، أن يكون العلم بأحد المعلومين ، هو العلم بالمعلوم الآخر. (٥)
والأقرب في ذلك أن يقال :
لو لم يختلفا ؛ لتماثلا ؛ ولو تماثلا ؛ لما اجتمعا. إذ المثلان على ما يأتى متضادان. ولهذا فإنه يمتنع اجتماع بياضين [أو (٦)] سوادين في محل واحد ، وكل علمين تعلقا بمعلوم واحد فإن (٧) اتحد المعلوم ووقته ومحل العلمين واحد ؛ فالعلمان متماثلان (٧) ؛ لقيام كل واحد منهما مقام الآخر ، فإن كل واحد منهما ـ وهو علم ـ يعين ما هو معلوم الآخر.
وأمّا إن اتحد محلّ العلمين واختلف وقت المعلوم بالعلمين : بأن كان أحد العلمين متعلّقا به في وقت ، والآخر في وقت آخر.
__________________
(١) انظر المحصل للرازى ص ٧١ والمواقف للإيجي ص ١٤٦ وشرح المقاصد للتفتازانى ١ / ١٧٣.
(٢) فى ب (المعلومين كالبياضين أو اختلفا كالسواد والبياض).
(٣) فى ب (لذلك فان).
(٤) فى ب (على الآخر ولا سد مسده).
(٥) زائد في ب (قال شيخنا أبو الحسن الآمدي).
(٦) فى أ (و).
(٧) فى ب (فهما على رأى الأصحاب متماثلان وسواء اتحد وقت المعلوم أو اختلف ، أو اتحد محل العلمين أو اختلف. ولهم فيما إذا اختلف محل العلمين خلاف. قال شيخنا أبو الحسن الآمدي والحق إن اتحد المعلوم ووقته فالعلمان متماثلان).