الفصل الثامن
في محل العلم الحادث وأنه لا بقاء له (١)
أما محل العلم :
فاعلم أن العلم ينقسم : إلى ما يتعلق بالكليات : وهى المعانى المشتركة بين الجزئيات المجرّدة عن المخصصات (٢) الموجبة للتشخيص : كالعلم بحقيقة الجسم من حيث هو جسم ، وهو ما يصلح لاشتراك الأجسام المشخّصة فيه. وإلى العلم بالجزئيات التى لا يصلح معناها لاشتراك كثيرين فيها : كالعلم بهذا الجسم وهذا الجسم ، ونحوه. فما كان من القسم الأول :
فقد قالت الفلاسفة إنّ محله النفس (٣). وسيأتى تحقيق معنى النفس فيما بعد. وما كان من القسم الثانى :
فمحله قوى جسمانية قائمة بأجزاء خاصة بالبدن ، وتلك القوى منقسمة إلى ظاهرة ، وإلى (٤) باطنة :
فأما القوى الظاهرة : فهى الحواس الخمس الظاهرة وهى : السمع ، والبصر ، والشمّ ، والذّوق ، واللّمس (٥).
فالسمع : عبارة عن [قوّة (٦)] مرتبة في عصبة سطح الدّماغ (٧) بصماخ (٧) الباطن من الأذن (٧). من شأنها إدراك ما يتأدّى / إليها من الأصوات الحادثة بواسطة تموّج الهواء.
والبصر : فعبارة عن قوة مرتّبة في العصبة المجوفة من العين من شأنها إدراك ما ينطبع في الرّطوبة الجليديّة من أشباح الأجسام ذوات الألوان المضيئة ، والمستنيرة بواسطة الأجسام المشفة.
__________________
(١) انظر التمهيد للباقلانى ص ٣٦ ـ ٣٨ وأصول الدين للبغدادى ص ٩ ، ١٠ والمواقف للإيجي ص ١٤٨ وشرح المقاصد للتفتازانى ١ / ١٧٣.
(٢) فى ب (المشخصات).
(٣) انظر الإشارات والتنبيهات لابن سينا القسم الثانى ـ النمط الثالث ص ٣٠٥ وما بعدها.
(٤) (إلى) ناقصة من ب
(٥) انظر المواقف ص ١٤٣.
(٦) فى أ (قوى).
(٧) فى ب (من الآذان).