الفصل التاسع
في أضداد العلم الحادث وأحكامها (١)
وأضداد العلم الحادث : الجهل ، والشّك ، والظّن ، والغفلة ، والذهول ، والنّوم ، والنّظر ، والموت.
أما الجهل : فقد يطلق على بسيط ومركب : (٢)
أما البسيط : فهو عدم العلم فيما من شأنه أن يكون عالما (٣) ، لا عدم العلم مطلقا ، وإلا لوصفت الجمادات بكونها جاهلة ؛ إذ هى غير عالمة. وعلى هذا : فالجهل بهذا الاعتبار إثبات عدم ، لا أنه صفة إثبات.
والفرق بين الأمرين ظاهر.
وعلى هذا ، فلا يخفى أنّ التقابل وامتناع (٤) الجمع بين العلم والجهل بهذا الاعتبار ؛ لذاتيهما ، لا لأمر خارج عنهما. وبه يظهر إحالة قول من أخرج الجهل بهذا الاعتبار عن أضداد العلوم. إلا أن يشترط في الضد أن يكون ذاتا.
وأما الجهل المركّب : فقد قيل فيه : إنّه عبارة عن اعتقاد المجهول على خلاف ما هو عليه. لا على خلاف كونه مجهولا. وإلا لخرج عن كونه مجهولا ؛ بل على خلاف ما اعتقد به ؛ وهو غير سديد ؛ لما فيه من تعريف الجهل بالمجهول ، وهو أخفى من الجهل ؛ لكونه مشتقا منه.
فالأولى فيه أن يقال : الجهل : هو اعتقاد المعتقد على خلاف ما المعتقد عليه في نفسه. ولا يخفى أنّ لفظ المعتقد يعمّ الموجود والمعدوم الّذي ليس بشيء ؛ فكان أولى من لفظ الشيء.
وهذا مما لا خلاف في كونه ضدا للعلم.
__________________
(١) انظر شرح المقاصد للتفتازانى ١ / ١٦٩ ، ١٧٠.
(٢) انظر المواقف للإيجي ١٤٢ ، ١٤٣.
(٣) فى ب (له العدم).
(٤) فى ب (بامتناع).