وهو باطل. بما إذا اعتقد أمرا ؛ فإنه حالة اعتقاده جازم بمعتقده ، غير شاك فيه. وإذا زال ذلك الاعتقاد باعتقاد نقيضه. فحالة اعتقاده الثانى ، هو أيضا غير شاك ؛ لكونه جازما بمعتقده ؛ فكل واحد من الاعتقادين هو جازم به وليس بشاك ، وليس بين الاعتقادين حالة فاصلة يمكن أن يكون شاكا فيها. وإن (١) كان (١) بينهما حالة يمكن أن يكون الشك فيها ؛ فليس الشكّ هو ما ذكر من الاعتقادين ؛ بل أمر أخر غيرهما.
وقال أصحابنا : الشك معنى مفرد.
وعبر عنه القاضى أبو بكر (٢) بقوله : إنه (٢) عبارة عن استواء معتقدين في نفس المستريب ، مع قطعه أنهما لا يجتمعان.
وهذه العبارة غير سديدة ؛ فإنه وصف كل واحد من الأمرين المتقابلين بكونه معتقدا. ومن ضرورة كونه معتقدا ، تعلق الاعتقاد الجازم به (٣) ؛ وذلك مع الاسترابة محال.
وأيضا : فإن استواء المعتقدين في نفس المستريب : إما في نفس الاعتقاد ، أو في الشك ، أو غيره.
فإن كان في نفس الاعتقاد : فإما أن يكونا معا ، أو على التعاقب.
الأول : محال ؛ إذ هما لا يجتمعان.
والثانى : ففيه عود إلى قول أبى هاشم ؛ وقد عرف ما فيه.
وإن كان في الشكّ : ففيه تعريف الشّكّ بالشّكّ ؛ وهو ممتنع.
وإن كان في غير الشّكّ : فاستواء المعتقدين في غير الشّكّ لا يلزم أن يكون شكا ؛ كاستواء المعتقدين في الإمكان ، أو غيره من الصّفات.
وقال أبو المعالى (٤) : الشّك هو الاسترابة في معتقدين نفيا وإثباتا ، وهو من النمط الأول : حيث إنه جمع بين الاعتقاد والاسترابة ، بالنسبة إلى شيء واحد ؛ وهو محال.
ثم إنّ الاسترابة في المعتقدين : إما أن تكون هى نفس / الشكّ ، أو غيره.
فإن كان الأول : ففيه تعريف الشّكّ بالشّكّ.
__________________
(١) فى ب (وإذا كانت).
(٢) فى ب (بأنه).
(٣) ساقط من ب.
(٤) انظر الإرشاد ص ٥.