ومنها : ما هو أخفى بحيث يكون قريبا من الشّك.
ومنها : ما هو متوسط بين الرتبتين.
ويمكن أن يقال : إنها من جنس واحد نظرا إلى اشتراكها فيما ذكرناه في حد الظن وما به الاختلاف ، فراجع إلى أمور عرضية لا توجب الاختلاف في الحقيقة. ولا يمكن أن يقال باتحاد الحقيقة. وعود الاختلاف إلى كثرة أعداد الظّن في الجلى ، واتحاده في الخفى ـ وإلا كان الظان بمظنون واحد ، ظانا له بظنون متعددة معا ؛ وذلك محال ؛ لأنّ الظّنون إن كانت متماثلة : فالمتماثلة أضداد على ما يأتى. والأضداد لا تجتمع ، وقد قيل بالاجتماع.
وإن لم تكن متماثلة : فهى مختلفة. والمختلفات : إما أضداد ، أو لا.
فإن كانت أضدادا : فلا تجتمع (١) أيضا ، وقد اجتمعت.
وإن لم تكن أضدادا : فقد قيل إنها مختلفة ، ولا اختلاف مع اتحاد الحقيقة.
وأما الغفلة ، والذّهول ، والنّسيان :
وإن اختلفت عباراتها ، فيقرب أن يكون المعنى متحدا ، ومعناها ضد العلم ؛ لاستحالة الجمع.
وحكم هذه الأضداد في جواز تعلقها بمتعلقين ، أو بمتعلق واحد ؛ كالحكم في العلم ، والخلاف كالخلاف.
لكن اتفق المحققون على امتناع كون الغفلة مقدورة للبشر ، فإنّ شرط وقوع المقدور بالقدرة : أن يكون مرادا مقصودا. والقصد إلى الشيء ينافي الذهول ، والغفلة عنه.
وإذا ثبت أنّ الغفلة غير مقدور عليها للعبد ، وهى ضدّ للعلم المكتسب المقدور ـ ، فقد بطل قول المعتزلة : بأن القدرة على أحد الضّدين ، تكون قدرة على الضد الآخر. اللهم إلا أن يفسروا الضد بمعنى ثبوتى ، ويمنعوا كون الغفلة والذّهول معنى كما ذهب
__________________
(١) في ب (فإن كان أضداد لا تجتمع).