الفصل الثانى
في شرائط النّظر (١)
وشرائط النّظر :
منها ما يعم النظر الصّحيح ، والفاسد.
ومنها ما يخصّ الصّحيح دون الفاسد.
فأما الشّروط العامة : فالعقل ، وانتفاء أضداد النظر (٢).
أما اشتراط العقل : فلتعذر النظر دونه. وتحقيق ذلك يتوقف على بيان معنى العقل ، وحقيقته ؛ فنقول : اعلم أنّ اسم العقل : قد يطلق باعتبارات متعددة في الاصطلاحات :
فأما في اصطلاح الفلاسفة (٣) :
فقد يطلق بإزاء الماهية المجرّدة عن المادة وعلائقها. ولم يتحاشوا من إطلاق اسم العقل ـ بهذا الاعتبار ـ على البارى ـ تعالى ـ وعلى المعلول الصادر عنه ، والمبادئ المجرّدة عن المواد ، وعلائقها الصّادرة عنه ، وبتوسطه. على ما يأتى شرحه وإبطاله (٤). وقد يطلق على القوة التى بها التّوصل من المعلومات الكلّية إلى المجهولات المناسبة لها ؛ ويسمى : العقل النظرى.
وعلى القوة التى يتصرف بها بالفكرة (٥) والرّوية فيما يجب أن يفعل من الأمور الجزئية ؛ ويسمى : العقل العملى.
وعلى القوة التى بها استعداد الطّفل لإدراك الكتابة : فإن لم يكن قد حصل له العلم بمفردات الكتابة ؛ قيل لها العقل الهيولانى. وإن حصل له العلم بذلك : فإن كان يفتقر عند التركيب إلى الفكرة والرّوية ؛ قيل لها العقل بالملكة. وإن لم يفتقر إلى الفكرة والرّوية ، قيل (٦) : العقل بالفعل.
وعلى القوة التى بها إدراك المعلوم من غير تعلّم. ويقال لها العقل القدسى (٧).
__________________
(١) انظر شرح المواقف للجرجانى ص ١١٠ ـ ١١١ ، ١٢٨ ـ ١٣٠ وشرح المقاصد للتفتازانى ص ٢٣ ـ ٢٥.
(٢) في ب (العلم).
(٣) انظر الإشارات لابن سينا ٢ / ٣٥٩ ـ ٣٧٧.
(٤) انظر الفرع الثانى في الرد على الفلاسفة الإلهيين ل ٢١٨ وما بعدها.
(٥) في ب (بالفكر).
(٦) في ب (قيل لها).
(٧) انظر المواقف للإيجي ص ١٤٥ ـ المقصد العاشر : في مراتب العقل.