ويمكن أن يجاب عنه : بأن المعلومية ليست حكما ثابتا للمعلوم وإلا قامت الصفة الإثباتية بالمستحيل ، ضرورة كونه معلوما ؛ وهو (١) محال (١).
الثالث : وإن كان حادثا ، فما المانع من كونه جوهرا؟
قوله : لأنّ الجواهر متجانسة ؛ غير مسلم. وما يذكره في تحقيق التجانس ؛ فسيأتى إبطاله أيضا في موضعه (٢).
الرابع : وإن قدر أنه عرض ؛ فما المانع من كونه من غير العلوم؟
قوله : لو كان من غير العلوم ؛ لصحّ أن يتصف بالعقل من لم يحصل له العلم بشيء ؛ مسلم ؛ ولكن لا نسلم : أنه لا يصحّ اتصافه بالعقل ، وإنما لا يصحّ اتصافه بالعقل أن لو كان العقل هو العلم ؛ فعدم اتصافه بالعقل ، يتوقف على كون العقل هو العلم ، وكون العقل هو العلم يتوقف على عدم اتصافه بالعقل ؛ فيكون دورا.
قوله : إنه ما من شيء من أجناس الأعراض إلا ويمكن تقدير وجود العقل مع عدمه ما عدا العلوم ، وما يصححها ، ممنوع ؛ فإنه من الجائز أن يكون مسمى العقل عرضا من الأعراض ـ وهو ملازم للعلم الّذي يوصف الإنسان بكونه عاقلا عنده ، ولا يكون هو نفس العلم ، ولا سبيل إلى تقدير انتفاء ذلك اللازم مع بقاء العقل.
الخامس : هو أن كون العاقل عاقلا حكم واحد : مثل كون القادر قادرا ، وكون العالم عالما ؛ فلو كان العقل عبارة عن بعض العلوم الضرورية ـ وهى ما ذكرتموه من العلوم ـ ؛ فيلزم (٣) أن يكون الحكم الواحد معللا بعلل متعددة ؛ وهو محال كما يأتى.
فإن قيل : العقل (٤) ليس مجموع ما ذكرناه (٤) من العلوم الضّرورية ؛ بل العلم بكونه عالما بها ، والعلم بكونه عالما بها (٥) ؛ علم ضرورى وهو واحد ؛ فلا يكون فيه تعليل الحكم الواحد بعلل متعدّدة.
__________________
(١) ساقط من ب.
(٢) انظر ما سيأتى ل ٥ / ب من الجزء الثانى وما بعدها.
(٣) في ب (للزم).
(٤) في ب (العلم يسمى بجميع ما ذكرنا).
(٥) ساقط من ب.