المعهودة فى زمننا هذا ، مع أنهم أعلم الناس بأصولها ، وفروعها ، وإليهم مرجعها ، وهم ينبوعها.
قولهم : إن النبي عليهالسلام ، والصحابة أنكروا (١) النظر.
لا نسلم ذلك ؛ فإنا بينا أن النّظر واجب بالطريقين السابقين ، وما يكون واجبا ؛ لا يكون منكرا ، ثم كيف يكون النّظر منكرا ؛ وقد أثنى الله ـ تعالى (١) ـ على الناظرين ، والمتفكرين بقوله ـ تعالى ـ (وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً) (٢) والمنكر لا يثنى على فعله ؛ بل الإنكار إنما كان على المجادلة والمناظرة ، ولا كل مناظرة ومجادلة ، بل المناظرة بالأهواء ، والمجادلة لقصد التّشكيك فى الحق ، والإغواء ؛ وذلك بتقرير الشبه الفاسدة ، والآراء الباطلة ، ودفع الحجج الحقة ، والمكابرة فيها ، والتدليس ، والتلبيس ؛ بإظهار الباطل فى صورة الحق ، كما قال ـ تعالى ـ (وَجادَلُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَ) (٣) وقال ـ تعالى ـ (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ) (٤)
وأما المناظرة والمجادلة بالحق ، ولقصد إظهار الحق ؛ فمأمور بها ، ومأذون فيها بقوله ـ تعالى ـ (وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (٥) وقوله تعالى : (وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (٦).
وقد ناظر النبي (٧) عليه الصلاة والسلام (٧) لعبد الله بن الزبعرى : حيث اعترض على النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ عند نزول قوله ـ تعالى ـ (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ) (٨) فقال عبد الله بن الزبعرى : فقد عبدت الملائكة ، والمسيح (٩). أفتراهم يعذبون؟
__________________
(١) من أول (أنكروا النظر ...) ناقص من (ب).
(٢) سورة آل عمران ٣ / ١٩١.
(٣) سورة غافر ٤٠ / ٥.
(٤) سورة الحج ٢٢ / ٨.
(٥) سورة النحل ١٦ / ١٢٥.
(٦) سورة العنكبوت ٢٩ / ٤٦.
(٧) فى ب (صلىاللهعليهوسلم).
(٨) سورة الأنبياء ٢١ / ٩٨.
(٩) ساقط من (ب).