النظر ، والشكر بإتعابه لنفسه ، وتصرفه فى ملك الله تعالى بغير إذنه من غير منفعة ترجع إليه ، ولا إلى الله ـ تعالى ـ والأمن فى ترك النظر والشكر.
وعند ذلك ؛ فليس القول بالوجوب ، أولى من القول بعدمه.
وإذا بطل جميع الأقسام الممكنة ، التى لا خلو لإيجاب العقل عنها ؛ فقد بطل القول بالإيجاب العقلى ، وتعين الإيجاب الشرعى ، كيف وأنه لا معنى للإيجاب ، إلا ترجيح أحد طرفى الفعل على الآخر ؛ والعقل يعرف الترجيح ، لا أنه مرجح ؛ فلا يكون موجبا.
قولهم : إن (١) ذلك يفضى إلى إفحام الرسل ، عنه جوابان.
الأول : منع توقف استقرار الشرع على النظر ؛ كما تقدم (٢).
الثانى : أنه أيضا لازم على من قال : مدرك الوجوب هو العقل ؛ وذلك لأن العقل غير موجب لذاته دون نظر وتأمل ، وإلا لما انفك عاقل ما عن معرفة الوجوب ؛ بل لا بدّ من النظر والتأمل. وعند ذلك فللمدعو أيضا أن يقول : لا أنظر فى معجزتك ، حتى أعرف وجوب النظر بالعقل ، ولا أعرف ذلك ما لم أنظر ؛ فيكون أيضا دورا ، والجواب عن الإشكال يكون متحدا.
وإن رجعوا فى ذلك إلى امتناع خلو العاقل عن الخاطر ، كما ذكروه قبل ؛ فالجواب ما تقدم.
وعلى الجملة ؛ فمسألة وجوب النظر : ظنّية ، لا قطعية.
__________________
(١) ساقط من (ب).
(٢) انظر ل ٢٦ / ب.