الفصل السادس
في شرط الدّليل العقلى
وشرط الدليل العقلى : أن يكون مطردا بالاتفاق.
وليس من شرطه أن يكون منعكسا : أى يلزم من انتفائه ، انتفاء المدلول خلافا لبعض الفقهاء ؛ فإن حدوث الحوادث دليل وجود الصانع في نفسه ، ولو قدرنا عدم حدوث الحوادث ؛ لما لزم منه انتفاء الصانع في نفسه ، وإن لم يعلم وجوده ؛ لعدم الدليل الدال عليه ، ولأنه لا مانع من قيام أدلة على مدلول واحد. فلو لزم انتفاء المدلول عند انتفاء واحد منها ؛ لما لزم من باقى الأدلة وجود المدلول ، وخرجت عن كونها أدلة ؛ لعدم اطرادها ؛ وهو خلاف الفرض.
وعلى هذا. فقد أخطأ من سلم من المعتزلة : أن الدليل الدال على كون العالم منا عالما بعلم معلل بالعلم ؛ جواز ثبوت هذا الحكم في حقنا ؛ إذ نفى ذلك في عالميّة الله ـ تعالى ـ لا ينفى جواز ثبوت حكم العالميّة في حقه ، حيث أنه نفى المدلول لانتفاء دليله. /
ومهما قيل : بامتناع انتفاء المدلول ، لانتفاء الدليل (١) ؛ فلا يتصور اجتماع دليلين متقابلين على شيء واحد بالنفى والإثبات : أحدهما مطرد منعكس ، والآخر مطرد غير منعكس ، حتى يقال بترجيح المنعكس على غير المنعكس ، كما قد يظن ؛ بل ولا يتصور أن يكونا دليلين في نفس الأمر ؛ بل هما شبهتان ، أو أحدهما شبهة ، والآخر دليل.
ولا نعرف خلافا في أنه لا يشترط في وجه دلالة الدليل على المدلول نصب ناصب ، ولا وضع واضع ؛ بل ذلك للدليل ـ من حيث هو هو ـ لا لأمر خارج ؛ فلا (٢) يخرج (٢) عن كونه دليلا على المدلول ، وإن قدرنا عدم الناصب له والواضع.
ولا يشترط [فى] (٣) دلالة الدليل على المدلول ، أن يثبت للدليل وصف وجودى ، ولا حال زائدة وراء لزوم المدلول عنه ؛ وإلا لثبت (٤) ذلك للعدم ، عند كونه دليلا ؛ وهو ممتنع ؛ لما فيه من قيام الثبوت بالعدم.
__________________
(١) فى ب (دليله).
(٢) فى ب (عنه ولا يخرج)
(٣) فى أ ، ب (من)
(٤) فى ب (ثبت)