أما المقدمة :
فهو أن العلم بالوجود ـ من حيث هو وجود ـ هل هو فطرى ، أم لا؟
وقد ذهبت الفلاسفة إلى : أن العلم به فطرى. محتجين على ذلك بوجوه :
الأول : أنه لو كان العلم به نظريا ؛ فما به تعريفه : إما أن يكون وجودا ، أو لا يكون وجودا.
فإن كان الأول : ففيه تعريف الشيء بنفسه ؛ وهو تعريف الوجود بالوجود ؛ وهو ممتنع.
وإن كان الثانى : ففيه تعريف الوجود ، بعدم الوجود ؛ وهو ممتنع أيضا.
الثانى : هو أنّ العلم باستحالة اجتماع الوجود والعدم في شيء واحد ، من جهة واحدة ؛ بديهى. ولا يجد عاقل من نفسه عند عدم أضداد العلم : من النوم ، والغفلة ، والذهول ، وغيره ؛ الخلو (١) عنه (١) ، ولو كان العلم بمفرديه : وهما الوجود والعدم ، نظريا ؛ لتوقف العلم بالنسبة بينهما على تحصيل العلم بهما بالنظر ؛ وهو خلاف ما يجده كل عاقل من نفسه.
الثالث : هو أنّ كلّ عاقل ، يجد من نفسه العلم البديهى بوجود ذاته ، ومفهوم الوجود في الكلّ واحد ؛ على ما سيأتى (٢) ؛ فكان العلم بالوجود المطلق فطريا (٣).
وهو (٣) بناء منهم على أن المفهوم من الوجود واحد في كل موجود ، وأنه زائد على ذات الموجود.
__________________
(١) فى ب (لا يخلو عنه).
(٢) انظر ل ٥٠ / ب وما بعدها.
(٣) فى ب (نظريا وهذا).