فإن كان الأول : فهو المطلوب.
وإن كان الثانى : فكل موجود لا يكون واجبا لذاته ؛ فهو ممكن لذاته ؛ لأنه لو كان ممتنعا لذاته ؛ لما كان موجودا. وإذا كان ممكنا ؛ فالوجود والعدم عليه جائزان.
وعند ذلك : فإما أن يكون في وجوده مفتقرا إلى مرجح ، أو غير مفتقر إلى المرجح. فإن لم يكن مفتقرا إلى المرجح ؛ فقد ترجح أحد الجائزين من غير مرجح ؛ وهو ممتنع.
وإن افتقر إلى المرجح : فذلك المرجح : إما واجب لذاته ، أو لغيره.
فإن كان الأول ؛ فهو المطلوب.
وإن كان الثانى : فذلك الغير إما أن يكون معلولا لمعلوله ، أو لغيره.
فإن كان الأول : فيلزم أن يكون كلّ واحد منهما مقوّما للآخر ؛ ويلزم من ذلك أن يكون كل واحد منهما مقوّما لمقوّم نفسه ؛ فيكون كل واحد منهما مقوّما لنفسه ؛ لأن مقوّم المقوّم مقوّم. وذلك يوجب جعل كل واحد من الممكنين متقوّما بنفسه ، والمتقوم بنفسه لا يكون ممكنا ؛ وهو خلاف الفرض ، ولأنّ التقويم إضافة بين المقوّم والمقوم ؛ فيستدعى المغايرة بينهما ، ولا مغايرة بين الشّيء ونفسه.
وإن كان الثانى : وهو أن يكون ذلك الغير معلولا للغير : فالكلام في ذلك الغير ، كالكلام في الأول.
وعند ذلك [فإما] (١) أن يقف الأمر على موجود هو مبدأ الموجودات غير مفتقر في وجوده إلى غيره ، أو يتسلسل الأمر إلى غير النهاية.
فإن كان الأول ؛ فهو المطلوب.
وإن كان الثانى ؛ فهو ممتنع (٢).
__________________
(١) فى أ (فلنا)
(٢) إلى هنا انتهى ما نقله ابن تيمية في درء تعارض العقل والنقل ٣ / ٨٨ ـ ٩٠.