أما على رأى الفلسفى : فلأنهم قالوا : لو فرضنا عللا ، ومعلولات لا نهاية لها. قلنا أن نفرض الوقوف على الواحد منها ؛ فلو كان ما قبله لا نهاية له (١) ، فلو فرضنا زيادة متناهية على الجملة المفروضة ، ولتكن الزيادة عشرة مثلا.
فالجملة الأولى : إما أن تكون مساوية لنفسها ـ مع فرض الزيادة المتناهية عليها ـ أو أزيد ، أو أنقص.
القول بالمساواة ، والزيادة محال ؛ إذ الشيء لا يكون مع غيره ، كهو لا مع غيره ، ولا أزيد : فإن كانت الجملة الأولى ناقصة بالنظر إلى الجملة الثانية : فمن المعلوم أن التفاوت بينهما ؛ إنما هو بأمر متناه.
وعند ذلك : / فالزيادة لا بدّ وأن تكون لها نسبة إلى الباقى بجهة من جهات النسب على نحو زيادة المتناهى ، على المتناهى ، ومحال أن يحصل بين ما ليسا بمتناهيين النسبة الواقعة بين المتناهيين.
وأيضا (٢) : فإنه إذا (٢) كانت إحدى الجملتين أزيد من الأخرى بأمر متناه ؛ فلنطبق بين الطرفين الأخيرين بأن نأخذ من الطرف الأخير من إحدى الجملتين عددا مفروضا ، ومن الأخرى مثله ، وهلم جرا.
فإما أن يتسلسل الأمر إلى غير النهاية ؛ فيلزم منه مساواة الأنقص للأزيد في كلا طرفيه ؛ وهو محال.
وإن قصرت الجملة الناقصة في الطرف الّذي لا نهاية له ؛ فقد تناهت. والزائدة إنما زادت على الناقصة بأمر متناه ، وكل ما زاد على المتناهى بأمر متناه ؛ فهو متناه :
__________________
(١) نقل ابن تيمية في كتابه درء تعارض العقل والنقل ٣ / ٤٠ ـ ٥٦ طبع ونشر جامعة الإمام محمد بن سعود. ما أورده الآمدي هنا بنصه من أول قوله (لو فرضنا عللا ومعلولات لا نهاية لها ... الى قوله في ل ٤٤ / أغير متوقف على ما سبق غيره عليه ؛ وهو المطلوب).
وقد مهد ابن تيمية للنقل بقوله في ص ٤٠ : قال الآمدي : وباقى الوجوه في الدلالة على ما ذكرناه في امتناع حوادث غير متناهية في إثبات واجب الوجود ، وقد ذكرت ، فلا حاجة إلى إعادتها. وهو قد ذكر قبل ذلك في امتناع ما لا يتناهى أربعة طرق ، فزيفها واختار طريقا خامسا.
الأول : التطبيق ، وهو أن يقدر جملة فلو كان ما قبلها لا نهاية له ... ثم ينقل ما أورده الآمدي هنا بالتفصيل في كتابه من ص ٤٠ ـ ٥٦ من المجلد الثالث. وما نقله ابن تيمية يتفق تماما مع ما أورده الآمدي هنا في اللوحات من ل ٤١ / ب ـ ٤٤ / أ.
(٢) فى ب (فاذا)