المسألة الثالثة
في أن وجود واجب الوجود ، هل هو نفس ذاته
أو (١) هو زائد على ذاته (١)؟
ذهبت الأشاعرة ، والفلاسفة ، وبعض المعتزلة : الى أن وجود واجب الوجود لا يزيد على ذاته ؛ بل ذاته وجوده ، ووجوده ذاته.
وخالفهم في ذلك طائفة من المتكلمين.
أما (٢) حجة من قال بأن وجوده لا يزيد على ذاته : أنه لو كان وجوده زائدا على ذاته لم يخل : إما أن يكون واجبا ، أو ممكنا. لا جائز أن يكون واجبا ؛ لأنه مفتقر إلى الذات ضرورة كونه صفة لها ، ولا شيء من المفتقر إلى غيره يكون واجبا ؛ فإذن وجوده لو كان زائدا على ذاته ؛ لما كان واجبا ؛ فلم يبق إلا أن يكون ممكنا.
وإذا كان ممكنا : فلا بد له من مؤثر كما سبق (٣).
والمؤثر فيه : إما الذات ، أو خارج عنها.
فإن كان الأول : فهو ممتنع لوجهين :
الأول : أن الذات بسيطة لا تركيب فيها ، وهى قابلة للوجود ؛ فلو كانت مؤثرة ؛ لكانت قابلة ، وفاعلة ، فلها قوتان : قوة القبول ، وقوة الفعل. والبسيط الواحد ليس له قوتان مختلفتان ؛ فإن الكلام في قبوله للقوتين المختلفتين : كالكلام في الأول ؛ وهو تسلسل ممتنع.
الثانى : أنها لو كانت مؤثرة في الوجود ؛ فالمؤثر في الوجود ، لا بدّ وأن يكون موجودا على ما تقدم ؛ فإذن تأثير الماهية في وجودها مفتقر إلى وجودها ؛ فالوجود مفتقر إلى نفسه ؛ وهو محال ؛ كما سبق.
__________________
(١) فى ب (أو زائد عليها)
(٢) نقل ابن تيمية قول الآمدي مختصرا من أول قوله : «أما حجة من قال ... إلى قوله : وقد تحقق ذلك بالافتقار إلى الذات القابلة» فى كتابه (درء تعارض العقل والنقل ٤ / ٢٣٧ ـ ٢٣٩) ثم علق عليه وناقشه.
(٣) انظر ل ٤١ / ب.