قالت النفاة (١) : لو قدر له صفات وجودية ، زائدة على ذاته : فإما أن تكون كلها واجبة ، أو ممكنه ، أو البعض واجبا ، والبعض ممكنا.
لا جائز أن يقال بالأول : إذ هى مفتقرة إلى الذات ، ضرورة كونها صفات الذات ، والمفتقر إلى غيره ، لا يكون واجبا لذاته.
ولا جائز أن يقال بالثانى : وإلا لافتقرت إلى علة موجبة لها ، والعلة الموجبة لها : إما الذات ، أو غيرها. لا يمكن أن يكون الموجب لها الذات ؛ إذ الذات قابلة لها ، والقابل لا يكون هو الفاعل من جهة كونه قابلا ، وإن كان من جهتين ، فالجهات لا بدّ وأن تكون وجودية ؛ فإن نقيض الجهة ، لا جهة ، ولا جهة عدم ؛ فالجهة وجود ، والكلام في تلك الجهات : كالكلام في الأول ؛ ويلزم منه التسلسل ، أو الدور الممتنع ؛ وهما ممتنعان.
وإن كان الموجب لها غير الذات : فواجب الوجود مفتقر إلى غيره في إفادة كمالاته له ، ويلزم أن يكون مشروطا بالنظر إلى ذلك الغير ؛ وهو ممتنع.
ثم ذلك الغير : إما أن يكون قديما ، أم محدثا.
لا جائز أن يكون قديما ؛ إذ لا قديم عندكم سوى (٢) واجب الوجود ، وصفاته.
وإن كان حادثا : فصفات واجب الوجود تكون حادثة ، ضرورة حدوث المحدث لها ؛ وهو غير قابل لحلول الحوادث في ذاته ؛ كما يأتى بعد (٣).
وإن كان الثالث : وهو أن يكون البعض منها واجبا ، والبعض ممكنا : فبطلان كل واحد منهما ؛ بما به بطلان القسمين الأولين ؛ فإذن واجب الوجود ؛ واجب من جميع جهاته ، وليس له صفات وجودية زائدة على ذاته ، ولا ما يوجب فيه تعداد ، ولا كثرة. وما يوصف به واجب الوجود فلا يخرج عن أن يكون من أسماء الذات : كقولنا : إنه ذات ، ووجود (٤) ، وماهية ، وشيء ، ومعنى ، ونحوه (٤).
__________________
(١) يقصد بهم جميع النفاة من فلاسفة ، وشيعة ، ومعتزلة. ثم ذكر في الصفحة التالية ما يخص المعتزلة ، والشيعة.
(٢) فى ب (غير).
(٣) ساقط من ب. انظر ل ١٤١ / أ.
(٤) فى ب (وموجود وماهية وشيء ومعنى).