بل خاصية العرض ، وجوده في الحيز تبعا لمحله فيه ؛ وهو غير متصور في صفات الإله ـ تعالى ـ أو نقول : إن خاصية العرض : قيامه بالمحل مع حدوثه ، وتجدده ؛ وهو أيضا غير متصور في صفات الله ـ تعالى ـ.
وأما تكفير النصارى : فلم يكن بإثباتهم العلم ، والحياة ؛ بل بإثباتهم آلهه ثلاثة على ما قال الله تعالى : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ) (١).
هذا ما اعتمد عليه النفاة.
وأما أهل الإثبات (٢) :
فقد سلك بعضهم في الإثبات مسلكا ضعيفا : وهو أنهم تعرضوا لإثبات أحكام الصفات أولا. ثم توصلوا منها إلى إثبات العلم بالصفات ثانيا.
فقالوا : العالم ـ لا محالة ـ على غاية من الحكمة ، والإتقان ، وهو ـ مع ذلك ـ جائز وجوده ، وجائز عدمه ؛ كما سيأتى.
وهو مستند في التخصيص ، والإيجاد إلى واجب الوجود ؛ كما (٣) سيأتى أيضا (٣).
فيجب أن يكون قادرا عليه ، مريدا له ، عالما به ، كما وقع به الاستقراء في الشاهد ؛ فإن من لم يكن قادرا ؛ لا يصح صدور شيء عنه. ومن لم يكن مريدا ؛ لم يكن تخصيص بعض الجائزات عنه دون البعض أولى من العكس ؛ إذ نسبتها إليه نسبة واحدة. ومن لم يكن عالما بالشيء ، لا يتصور منه القصد إلى إيجاده ، ولا الإتقان ، والإحكام في صنعه.
قالوا : وإذا ثبت كونه قادرا ، مريدا ، عالما ؛ وجب أن يكون حيا ؛ إذ الحياة شرط هذه الصفات ؛ على ما عرف في (٤) الشاهد (٤) ، وما كان له في وجوده أو عدمه شرط ، لا
__________________
(١) سورة المائدة ٥ / ٧٣.
(٢) المقصود بهم الأصحاب من الأشاعرة.
منهم الباقلانى في التمهيد ١٥٢ ـ ١٥٣ ، وإمام الحرمين في الإرشاد ٦١ ـ ٦٣ ، والشهرستانى في نهاية الأقدام ١٧٠ وقد نقل ابن تيمية في كتابه (درء تعارض العقل والنقل ٤ / ٣٢ ـ ٣٤ ما ذكره الآمدي هنا من أول قوله «وأما أهل الإثبات ... إلى قوله والشرط لا يختلف شاهدا ولا غائبا» ـ ثم علق عليه وناقشه. [درء تعارض العقل والنقل ٤ / ٣٢ ـ ٣٤].
(٣) انظر ل ٥٨ / ب وما بعدها.
(٤) فى ب (شاهدا).