فالأول : هما المتقابلان بالسلب ، والإيجاب ؛ وهو تقابل التناقض. والتناقض هو اختلاف القضيتين بالإيجاب ، والسلب على وجه لا يجتمعان في الصدق ولا الكذب لذاتيهما كقولنا : زيد حيوان. وزيد ليس حيوانا. ومن خاصيته استحالة اجتماع طرفيه في الصدق ، أو الكذب ، وأنه لا واسطة بين الطرفين ، ولا استحالة لأحد الطرفين إلى الآخر.
والثانى : فلا يخلو : إما أن يتحافظا ، أو لا يتحافظا.
فإن تحافظا : فهما المتقابلان بالتضايف : وهما اللذان لا تعقل لكل واحد منهما إلا مع تعقل الآخر كقولنا : زيد أب ، زيد ابن. وخاصيته توقف كل واحد من طرفيه على الآخر في الفهم.
وإن لم يتحافظا : فإما أن يسد كل واحد منهما الآخر ، أو لا يسد.
فإن كان الأول : فهما المتقابلان بالتضاد. والمتضادان كل أمرين يتصور اجتماعهما في الكذب دون الصدق ، وسدّ كل واحد منهما الآخر. وسواء كانا وجودين : كالسواد ، والبياض. أو وجود ، وعدم : كالزوجية ، والفردية.
ومن خواصه جواز استحالة كل واحد من طرفيه إلى الآخر في بعض صوره ، وجواز وجود واسطة بين الطرفين تمر عليه الاستحالة من أحد الطرفين إلى الآخر : كالصفرة ، والحمرة بين السواد ، والبياض.
وإن كان لا يسد كل واحد منهما الآخر : فهو تقابل العدم والملكة.
أما (١) الملكة بالمعنى الخاص : فهو معنى وجودى أمكن أن يكون ثابتا للشىء. إما بحق جنسه : كالبصر للإنسان ، أو بحق نوعه : ككتابة زيد ، أو بحق شخصه : كاللحية / للرجل.
وأما العدم المقابل لها : فهو ارتفاع هذه الملكة. وسواء كان ذلك في وقت الإمكان : كالأمية بعد البلوغ ، أو قبله : كعدم الكتابة في حال الصغر. وسواء كان مما يزول : كالمرودة (٢) ، أو لا يزول : كالعمى.
__________________
(١) من أول هاهنا نقل ابن تيمية ما ذكره الآمدي في كتابه (درء تعارض العقل والنقل ٤ / ٣٥ ـ ٣٦).
(٢) فى ب (كالمكروه).
الأمرد : الشاب طر شاربه ولم تنبت لحيته. مرد كفرح مردا ومردودة ، وتمرد : بقى زمانا ثم التحى. (القاموس المحيط ، فصل الميم. باب الدال).