وإذا آل الأمر إلى التجوز ؛ فليس حمل القوة على القدرة ، بأولى من حملها على كونه بحال يصدر عنه جميع الموجودات.
والجواب :
أما السؤال الأول : فمندفع ؛ وذلك أنه لا يخلو : إما أن تكون صفة الكلام ثابتة ، أو غير ثابتة.
فإن كان الأول : فقد صح الاستدلال.
وإن كان الثانى : فليس من شرط الدليل أن يكون مسلما ؛ بل شرطه أن يكون بحال يمكن تسليمه بالدلالة عليه وتقريره ، وإثبات صفة الكلام بهذه الحالة ؛ فإنا سنبين كونها ثابتة فيما بعد (١).
وما ذكروه من مخالفة الظاهر ؛ ممنوع ؛ فإن القوة وإن كانت في أصل الموضوع عبارة عن الصلابة كما ذكروه ؛ إلا أن استعمالها بإزاء (القدرة) (٢) مجاز مشهور.
ولهذا إذا قيل فلان قوى على كذا. تبادر إلى الفهم منه عند الإطلاق ؛ أن له عليه قدرة ، ولا كذلك ما ذكروه من التأويل والّذي يدل على امتناع الحمل على ما ذكروه من المجاز قوله ـ تعالى ـ (هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً) فقد أثبت لهم أصل القوة ، وهى غير مفسرة في حقهم بالإيجاد ، فإنا سنبين أنه لا موجد (٣) غير الله ـ تعالى ـ فتعين تفسير القوة بما ذكرناه.
وبالجملة فطريق الاستدلال في هذا الباب بالنصوص المذكورة لا يخرج عن الظن ، والتخمين ؛ وهو غير مكتفى به في اليقينيات.
وأما من جهة المعقول : فهو أنهم قالوا : إذا ثبت حدوث العالم وهو كل موجود سوى الله ـ تعالى ـ فإما أن يكون وجوده بنفسه ، أو بخارج عنه.
__________________
(١) انظر ل ٨٢ / ب وما بعدها.
(٢) فى أ (القوة).
(٣) فى ب (لا موجود).