والجواب :
قولهم (١) : لا نسلم حدوث كل موجود سوى الله ـ تعالى ـ قلنا (٢) : سنبين ذلك فيما بعد (٣).
قولهم : ما المانع من أن تكون الأزلية مانعة من الوجود ، وعدمها شرطا؟
قلنا : ما من وقت يفرض وجود العالم فيه حادثا ، إلا ويمكن فرض وجوده قبل ذلك ، مع انتفاء الأزلية المانعة ، فلو كان البارى تعالى موجدا بذاته ؛ لوجب أن يكون موجدا له في كل وقت يفرض فيه انتفاء الأزلية ، ويلزم من ذلك أن لا يكون العالم موجودا وقت وجوده ؛ بل قبله ؛ وهو محال ؛ فدل على أنه موجب بالقدرة ، والاختيار.
قولهم : العالم في الأزل : إما أن يكون ممكنا ، أو غير ممكن.
قلنا : عنه جوابان :
الأول : أنه ممكن غير ممتنع لذاته ، وإنما هو ممتنع باعتبار أمر خارج ؛ فلا منافاة بين كونه ممكنا باعتبار ذاته ؛ ممتنعا باعتبار غيره.
الثانى : أنه وإن لم يكن ممكنا في الأزل : فما من وقت يفرض حدوثه فيه ، إلا وهو ممكن قبل ذلك الوقت. فلو كان البارى ـ تعالى ـ موجبا له بذاته ؛ لكان موجبا له في كل حالة يفرض كونه ممكنا فيها ، ويلزم من ذلك أن يكون العالم حادثا ، قبل وقت حدوثه ؛ وهو ممتنع.
قولهم : الإمكان المتجدد : إما وجود ، أو عدم؟
قلنا : بل عدم ؛ كما سيأتى تعريفه.
قولهم : فسلب الإمكان في الأزل يكون وجودا : يلزم عليه الامتناع ؛ فإنه عدم ؛ إذ هو صفة للمنع ، والممتنع نفى محض ؛ فلو كان الامتناع صفة وجودية ؛ لكان الوجود صفة للنفى المحض ؛ وهو محال. وسلب الامتناع مع كونه عدما ، ليس أمرا وجوديا ؛ فإن
__________________
(١) فى ب (قولكم).
(٢) ساقط من ب.
(٣) انظر ل ٨٢ / ب من الجزء الثانى وما بعدها.