وبالجملة : فجملة هذه العبارات ؛ وإن سلم تساويها في المعنى عموما ، وخصوصا ؛ فحاصلها راجع إلى التّعريف بالحدّ اللفظى : وهو تبديل لفظ بلفظ مرادف له.
وهذا (١) إنما يفيد عند الجاهل بدلالة اللّفظ ، العالم بمعناه. وأما بالنسبة إلى الجاهل بنفس المعنى ؛ فلا.
والأقرب في ذلك أن يقال :
الإرادة عبارة عن معنى من شأنه تخصيص أحد (٢) الجائزين ، دون الآخر ؛ لا ما يلازمه التخصيص.
ولا يخفى مفارقتها للعلم ، والقدرة ، والكلام ، والسمع ، والبصر ، والحياة ؛ إذ ليس من / شأن (٣) العلم التخصيص بل الكشف والإحاطة بالشيء على ما هو عليه ، فيكون تابعا للتخصيص ، فلا يكون هو الموجب للتخصيص. ولا من شأن القدرة ذلك ؛ بل (٤) الإيجاد (٤). وأما باقى الصفات فظاهر.
وليست هى الشّهوة ، ولا التّمنى ، ولا العزيمة ، ولا المحبّة ، ولا الرضى.
وقد اختلف في ذلك كله :
أما الشهوة : فهى توقان النّفس إلى إدراك بعض المدركات ، ولا تتعلق بجميع الجائزات الواقعة ، بل ببعضها ، وهى ما فيه لذة ، واستطابة بخلاف الإرادة ، وقد تتعلق الشّهوة بما فيه لذة ، وإن لم يكن مرادا ؛ وذلك عند ما إذا علم الشخص أن هلاكه فيه ، وحيث يطلق لفظ الشّهوة بإزاء الإرادة ؛ فليس إلا بجهة التجوز (٥) ، والتوسع (٥).
وأما التّمنّى : فقد قال بعض أصحابنا : إنه نوع من الإرادة ، حتى قال في حده :
هو إرادة ما علم أنه لا يقع ، أو شكّ في وقوعه.
واتفق المحققون من أصحابنا ، ومن المعتزلة : على أنه ليس بإرادة ؛ لكن اختلف قول أبى هاشم فيه.
__________________
(١) فى ب (وهو).
(٢) فى ب (كل واحد من).
(٣) فى ب (بيان).
(٤) فى ب (بالايجاد).
(٥) فى ب (التوسع والتجوز).