إذا ثبت [أن] (١) العالم حادث ، وأنه من أفعال واجب الوجود ؛ فلا يخفى أن تقدير وجوده قبل أن وجد ، وبعد أن وجد ، ـ على شكل ومقدار أكبر مما هو عليه (٢) أو أصغر ـ من الجائزات. ووقوع بعض الجائزات ، دون البعض ؛ ليس له لذاته ؛ لما سبق ؛ فلا بد له من مخصص.
والمخصص : إما ذات واجب الوجود ، أو أمر خارج عنها.
لا جائز أن يكون هو ذات واجب الوجود ؛ فإن نسبة ذاته إلى جميع الجائزات نسبة واحدة ؛ فليس تخصيصها للبعض دون البعض ، أولى من العكس.
فلم يبق إلا أن يكون خارجا عنها ، وليس ذلك هو القدرة ، والعلم ، وباقى الصفات المذكورة من قبل ؛ لما سبق ؛ فيكون زائدا عليها ، وذلك هو المعنى بالإرادة (٣).
فإن قيل : لا نسلم صحة اتصاف الرب ـ تعالى ـ بالإرادة.
قولكم : لأن اختصاص العالم بما هو عليه من الصفات دون باقى الصفات الجائزة يستدعى مخصصا. / إنما يصح ، أن لو ثبت لكم أن ما عدا الصفات التى خلق العالم عليها جائزة عليه. ولم قلتم بأن ما وجد عليه من الصفات لم تكن متعينة له ، وأن ما عداها ليس بممتنع عليه ؛ لخصوص ذاته؟
سلمنا أن ذلك جائز على العالم ؛ ولكن ما المانع من أن يكون الرب (٤) ـ تعالى ـ موجبا للعالم بما هو عليه ، باعتبار ذاته ، لا بصفة زائدة؟
قولكم (٥) : لأن نسبة جميع الجائزات إلى ذاته نسبة واحدة ، غير مسلم.
وما المانع من أن يكون باعتبار ذاته لا يقتضي من جملة الصفات الجائزة إلا ما وجد ، وذلك لأن (٦) الصفات الجائزة مختلفة في ذواتها وإن اتحدت في صفة الجواز.
__________________
(١) ساقط من أ.
(٢) ساقط من ب.
(٣) انظر المآخذ للآمدى ل ٣٩ / أوقارن بالإرشاد لإمام الحرمين ص ١٣١ والاقتصاد للغزالى ص ٤٧.
(٤) فى ب (البارى).
(٥) فى ب (قولهم).
(٦) ساقط من ب.