والجواب :
أما منع (١) وجود العالم قبل أن وجد ؛ فمندفع ؛ فإنا لو قدرنا وجود / العالم قبل وقت وجوده بألف سنة ، لم يلزم عنه لذاته المحال (٢). ولا معنى لكونه جائز الوجود قبل [وقت] (٣) وجوده إلا هذا.
كيف وأنه لو لم يكن جائز الحدوث قبل وقت حدوثه ؛ لكان إما واجبا لذاته قبل ذلك ، أو ممتنعا. ولو كان واجبا ؛ لما كان معدوما ، ولو كان ممتنعا لذاته لما وجد ؛ فلم يبق إلا أن يكون جائزا. ولا يلزم على هذا جواز وجوده بعد امتناع أزليته ، فإن (٤) ما هو الممتنع (٤) ؛ إنما هو الأزلية ؛ وهو غير زائل ، وما هو الممكن : إنما هو الحدوث ؛ وإمكان الحدوث غير متجدد ؛ وذلك غير ممتنع ؛ بخلاف القول بتجدد إمكان الحدوث بعد أن لم يكن.
قولهم : ما المانع من أن يكون لذاته مقتضيا لبعض الجائزات دون البعض؟
فقد قيل في جوابه : إن المصحح للتخصيص بالمخصص : إنما هو الإمكان. وإذا كان الإمكان عاما لجملة الجائزات ؛ كان تخصيص الكل بالنسبة إلى المخصص بالذات جائزا.
وهو ضعيف ؛ فإنه إن قيل : إن المستقل بصحة التخصيص ؛ هو (٥) الإمكان لا غير ؛ فهو غير مسلم ؛ وذلك مما يعسر مساعدة الدليل عليه.
وإن قيل : إنه لا بدّ منه في التصحيح ؛ فمسلم ؛ ولكن لا يلزم من وجود ما لا بدّ منه فى التخصيص ؛ تحقق التخصيص ؛ لجواز فوات غيره مما لا بدّ منه أيضا.
والحق أن يقال :
المخصص للعالم بوقت حدوثه ، مع جواز حدوثه ، قبل وقت حدوثه ، إذا كان تخصيصه له بذاته : فإما أن يتوقف على شرط لا بدّ منه ، أو لا يتوقف.
__________________
(١) فى ب (منع جواز).
(٢) فى ب (محال).
(٣) ساقط من أ.
(٤) فى ب (فإنما الممتنع).
(٥) فى ب (وصحة التخصيص هو).