الثالث : وإن سلم (١) ذلك ؛ ولكن لا نسلم أن ما جاز أن يكون معلوما بانفراده ؛ جاز (٢) أن يكون معلوما مع غيره ؛ لجواز أن يكون الانفراد شرطا ، أو الاجتماع مانعا ؛ وإبطاله غير يقينى.
الرابع : وإن سلم جواز ذلك ؛ ولكن لا نسلم جواز مقارنة ماهية واجب الوجود لغيره من الماهيات : إلا أن يكون التعقل لهما عبارة عن وجود ماهيتهما في العقل ؛ وهو غير مسلم على ما سيأتى.
الخامس : وإن سلم جواز المقارنة في العقل ؛ ولكن لا نسلم أنه يلزم من جواز اجتماعهما بجهة الحلول في العقل ، جواز اجتماعهما لا بجهة الحلول فيه ؛ لجواز أن يكون ذلك شرطا في الاجتماع ، والمقارنة ، أو أن الوجود الخارجى مانع.
السادس : وإن سلم ذلك ؛ ولكن لا نسلم أنه يلزم من هذه المقارنة علم أحد المقترنين بالآخر ، إلا أن يثبت أن العلم هو نفس المقارنة ؛ وهو غير مسلم.
السابع : وإن سلم ذلك ؛ ولكن لا نسلم أنه يلزم من عدم الامتناع ، الوجوب ؛ لجواز أن يكون جائزا ؛ وهو غير ممتنع على الله ـ تعالى ـ من غير / وجوب ؛ ولهذا يصح الذاتين (٣) ؛ والنسب والإضافات جائزة على الله ـ تعالى ـ من غير / وجوب ؛ ولهذا يصح أن يقال لوجود الحادث عند وجوده : أن وجوده مع وجود الرب ـ تعالى ـ وإن لم يكن قبل ذلك موجودا معه ، وهو نسبة وإضافة. ولو كان ذلك واجبا ؛ لكان لازما غير مفارق ؛ وهو محال.
وأما أصحابنا : فقد استدل بعضهم على إثبات علم الله ـ تعالى ـ بنصوص الكتاب. وذلك مثل قوله ـ تعالى ـ (وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ) (٤). وقوله ـ تعالى ـ (أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ) (٥) وهو صريح في إثبات العلم لله ـ تعالى ـ
__________________
(١) فى ب (سلمنا).
(٢) فى ب (يجوز).
(٣) فى ب (الذات).
(٤) سورة فاطر ٣٥ / ١١.
(٥) سورة النساء ٤ / ١٦٦.