وعند ذلك : فلا يبقى بين الفاعل بالاختيار ، وغير الفاعل بالاختيار فرق ؛ وهو محال ، وما أفضى إلى المحال ؛ فهو محال.
والجواب :
أما النقض بأفعال الحيوانات : فمندفع ؛ وذلك أن من سلم كونها هى الفاعلة ؛ لم يمنع من كونها عالمة. ومن قال أفعال الحيوانات غير مخلوقة لها ؛ بل لله ـ تعالى ـ ؛ فيجب أن تكون معلومة لله ـ تعالى ـ ؛ وإن لم تكن معلومة للحيوانات ؛ إذ ليس الإحكام ، والإتقان مستندا إليها.
قولهم : لا نسلم العلم الاضطرارى بذلك غائبا.
قلنا : العاقل لا يجد من نفسه تفرقة في العلم بعلم المختار بما يفعله شاهدا ، ولا غائبا. فإذا كان الرب ـ تعالى ـ فاعلا بالاختيار ؛ لزم العلم الاضطرارى بكونه عالما به ؛ وذلك لأن ملزوم العلم الاضطرارى بعلم الفاعل المختار بما يفعله : إنما هو كونه مختارا له ؛ ولهذا يجد العاقل من نفسه العلم (١) بذلك (١) ، وإن قطع النظر عن كل وصف خارج عن وصف الاختيار ، والعلم الاضطرارى بكون الفاعل في الشاهد حيوانا ، وجسما ، ومتحركا بالإرادة إلى غير ذلك من الصفات المختصة بالشاهد ، فمن لوازم كونه فاعلا بالحركة والانتقال. لا من لوازم كونه مختارا. والحركة والانتقال في حق الله ـ تعالى ـ محال ؛ فلذلك لم يلزم كونه حيوانا ، ولا جسما ، ولا غير ذلك من صفات (٢) المحدثات في حقه.
قولهم : لا نسلم أن المفهوم من كونه عالما ، يزيد على المفهوم من ذاته ؛ فدليله ما سبق من الوجهين (٢).
قولهم فى الوجه الأول : المعلوم ، والمجهول : إنما هو دلالة اللفظ على مسماه ؛ ليس كذلك ؛ فإنه لو اتحد المسمى ؛ لكانت (٣) كل ذات عالمة ؛ وهو محال.
وبه يبطل ما ذكروه على الوجه الثانى أيضا.
__________________
(١) فى ب (ذلك).
(٢) فى ب (الصفات التى اتصفت بها الحوادث).
(٣) فى ب (كانت).