ثم ولو جاز أن يجعل بعض الصفات القديمة معجزا ؛ لجاز ذلك على باقى الصفات : كالعلم ، والقدرة ، والإرادة ؛ إذ الفرق تحكم لا حاصل له.
وأما من جهة المعنى : فمن وجوه يأتى ذكرها عن قرب.
والجواب :
قولهم : إن المراد من الآية تعريف حالة نفوذ الإرادة ، والمشيئة في المخلوقات ؛ فهو خلاف الظاهر ، ولا يجوز المصير إليه إلا بدليل. وحيث حمل لفظ القول على التعبرة عن الحالة ؛ كما ذكروه في النصوص ، والإطلاق ، فإنما كان لدليل دل عليه ؛ ضرورة استحالة مخالفة الظاهر من غير دليل ، ولا دليل هاهنا ؛ فيمتنع تأويله.
قولهم : إنه يكون أمرا للمعدوم. ليس كذلك ؛ بل للحادث في حال حدوثه ، وليس بمعدوم.
قولهم : إنه تكليف بما لا يطاق. إنما يلزم أن لو كان أمر تكليف ؛ وليس كذلك ؛ بل أمر تكوين.
قولهم : يلزم منه الاستغناء عن القدرة إنما يلزم أن لو كان التكوين بالقول ؛ وليس في الآية ما يدل عليه ؛ بل على وقوعه عنده كما سبق في مسألة الإرادة.
قولهم : لشيء نكرة في سياق الإثبات ؛ فيخص ، ولا يلزم منه التسلسل.
قلنا : عنه جوابان :
الأول : أجمع المسلمون على أن المراد بهذه الآية كل شيء يراد بدء إحداثه من الحوادث ، ويدل على ذلك أيضا أن البارى ـ تعالى ـ أورد ذلك في معرض التمدح ، والاستعلاء ، ولو كان المراد به واحدا ؛ لما حصل به التمدح ؛ لأن الواحد من المخلوقين قد يريد شيئا ؛ فيكون على حسب ما أراد.
الثانى : أن النكرة في سياق الإثبات. وإن كانت لا تعم الجميع معا ؛ لكنها عامة الصلاحية : أى أنها صالحة أن تتناول كل واحد من آحاد الجنس بجهة الشيوع ، وإخراج قوله : «كن» عند حدوثه عن ذلك يكون تقييدا للمطلق من غير دليل ؛ (١) فلا يجوز (١).
__________________
(١) ساقط من ب.