٣ ـ نقد معظم مناهج المتكلمين السابقين ، واعتبرها غير مفيدة لليقين ، وإن ظن فيها ذلك ، واحتفظ بموقفه منها حتى وهو يناقش شيوخ المذهب الأشعرى مع أنه أحد اتباعه.
٤ ـ وقف من الصوفية الذين يعتدون بمنهج الرياضة الروحية طريقا إلى المعرفة الحقة ، موقفا متسامحا.
٥ ـ رفض المنهج الباطنى ، ووقف من الباطنية موقف الخصومة.
٦ ـ رفض منهج الحشوية ، ووقف منهم موقف الخصومة أحيانا.
٧ ـ لاحظت تسامحه مع المعتزلة على غير عادة شيوخه الأشاعرة ؛ بل إنه في كثير من المسائل يتطوع للدفاع عنهم فيقول مثلا : «وقد أخطا أصحابنا في ذلك ، والحق ما ذهب إليه المعتزلة». كما أنه يصفهم بأوصاف تدل على تقديره لهم فيقول مثلا : حذّاق المعتزلة ، الفضلاء من المعتزلة.
٨ ـ لاحظت تأثره بالمنهج الجدلى بالرغم من تشكيكه فيه ، ولا عجب في ذلك ، فقد كان الآمدي أكبر علماء الجدل في عصره.
٩ ـ ومن مميزات منهج الآمدي في الأبكار دقته في حكاية مذاهب السابقين ، وعنايته البالغة بتحقيقها ؛ فهو يعرضها في الغالب عرضا تاريخيا بحسب التسلسل التاريخى ، أو حسب قيمتها العلمية ؛ فيقول مثلا : أجمع العقلاء على كذا. والمقصود بهم جميع العقلاء سواء أكانوا من المليين ، أم من غيرهم. ثم يقول : ويرى المليون كذا. والمقصود بهم أصحاب الكتب السماوية. ثم يقول : ويرى الإسلاميون كذا. والمقصود بهم جميع الفرق الإسلامية. ثم يقول : ويرى الخوارج كذا ، ثم يذكر آراء المعتزلة ، ويعدّد آراء شيوخهم بحسب التسلسل التاريخى ، ثم يذكر آراء الأشاعرة : فيبدأ بالأشعرى ، ثم بالباقلانى ، وابن فورك ، وإمام الحرمين ، وهكذا.
وهذا المنهج قد ارتضاه الآمدي في معظم كتابه (أبكار الأفكار). وبعد أن يستعرض آراء السابقين ، يحرر محل النزاع ، ويرجح منها ما يختاره ، أو يدلى في المسألة برأى جديد ، أو يترك الباب مفتوحا لمن يأتى بعده. كما أنه في أحيان كثيرة يستعرض شبه الخصوم ، ثم يرد عليها. ويرتفع الآمدي إلى القمة ، عند ما تتجلى فيه صفة التواضع