وهذا المحال : إنما لزم من عدم اتصاف الرب ـ تعالى ـ بالكلام النفسانى ؛ فيكون محالا وهذا المسلك أيضا ضعيف ؛ لما سلف.
والّذي يخصه هاهنا أن يقال :
وإن سلمنا أن البارى ـ تعالى ـ حىّ مع إمكان النّزاع فيه ؛ كما يأتى ؛ فلا نسلم أن كل حي قابل لاتصافه بصفة الكلام ؛ فإن الحيوانات العجماوات حية مع عدم قبولها لذلك.
سلمنا أن كل حي قابل لاتصافه بصفة الكلام ، ولكن بشرط الحدوث ، أو لا بشرط الحدوث. الأول : مسلم ، والثانى : ممنوع.
ولا يلزم من قبول الحادث لذلك قبول القديم ـ تعالى ـ لذلك ؛ لجواز أن يكون الحدوث شرطا ، أو القدم مانعا /.
وربما أورد عليه أسئلة يمكن التقصى عنها منها :
قولهم : سلمنا أن كل حي قابل لصفة الكلام ؛ ولكن ما الّذي عنيتم بالضد؟
إن عنيتم به عدم الكلام ؛ فهو حق ؛ ولكن دعوى إحالته عين محل (١) النزاع (١).
وإن عنيتم به أمرا وجوديا : يكون منافيا للكلام ؛ فلا نسلم أن الكلام له ضد. حتى يصح اتصاف الحىّ به.
وبيانه : هو أن الكلام من صفات الأفعال ؛ فإن المتكلم من فعل الكلام ، لا من قام به الكلام ، على ما سيأتى. والفعل لا ضد له.
وبيانه : أنه لو كان للفعل من حيث هو فعل ضد ؛ لم يخل : إما أن يكون ذلك الضد فعلا ، أو لا (٢) يكون فعلا (٢).
لا جائز أن يكون فعلا لوجهين :
الأول : أنه لو كان الفعل ضدا للفعل من حيث هو فعل ؛ لكان (٣) مضادا (٣) لنفسه وهو محال.
__________________
(١) فى ب (المصادرة عن المطلوب).
(٢) فى ب (أولا فعلا).
(٣) فى ب (لكان الفعل مضادا).