يعدون مأمورين بأمر والدهم بعد موته ، وإن كان أمره معدوما بعد موته ، ولهذا يوصفون بالطاعة (١) بعد الموت لأمره (١) : بتقدير الامتثال ، وبالعصيان له : بتقدير المخالفة.
وبالجملة فهذا المسلك غير خارج عن رتب الظنون.
المسلك السابع :
قالوا : أجمع المسلمون. على أن الله ـ تعالى ـ متكلم بكلام ، وأجمعوا على أنه لا بدّ من تقدير ضرب من الاختصاص بالكلام ؛ فذلك الاختصاص : إما بمعنى قيامه به ، أو بمعنى أنه فعله ، أو بمعنى مشاركته (٢) له في كونه لا في محل ، كما قيل في الإرادة.
فجهات اختصاص الكلام بالله ـ تعالى ـ لا تزيد على هذه باتفاق الخصوم.
لا سبيل إلى تفسير الاختصاص بكونه فاعلا له ؛ لسبعة أوجه :
الأول : أن الواحد منا لو تكلم بكلام مفيد ؛ فهو كلامه لا محالة ، ولذلك يقال تكلم ، وهو متكلم. ولا جائز أن تكون جهة نسبته إليه هو كونه فاعلا له. وإلا لما كان متكلما من خلق الكلام فيه اضطرارا : كالمبرسم (٣) / والنائم.
الثانى : أنه يلزم على سياق ذلك لمن اعترف من المعتزلة بأن أفعال العباد مخلوقة لله ـ تعالى ـ كالنّجّارية (٤) ـ أن يكون الرب ـ تعالى ـ هو (٥) المتكلم (٥) بكلامنا لا نحن ؛ وهو جحد للضرورة.
الثالث : أنه لو كان المتكلم من فعل الكلام ؛ لوجب أن يكون البارى ـ تعالى ـ عندهم مصوتا ؛ لكونه فاعلا للصوت ؛ إذ الكلام عندهم مركب من الحروف ، والأصوات ، والصوت أعم من الكلام.
__________________
(١) فى ب (لأمره بعد الموت).
(٢) فى ب (أنه مشارك).
(٣) المبرسم : هو المريض بالبرسام. وفي القاموس المحيط باب الميم فصل الباء البرسام بالكسر : علة يهذى فيها ، برسم بالضمّ فهو مبرسم.
(٤) يقول النّجار : الله خالق أعمال العباد خيرها وشرها ، حسنها وقبيحها والعبد مكتسب لها. وأثبت تأثيرا للقدرة الحادثة ؛ وسمى ذلك كسبا على حسب ما يثبته الأشعرى. (الملل والنحل ١ / ٨٩).
(٥) فى ب (متكلما).