فلئن قالوا : المزاج المعتدل كيفية حادثة عن تفاعل الكيفيات الملموسة للعناصر. ولا يكون ذلك إلا من اجتماع أمور ؛ وهو باطل بما سبق في تقرير امتناع التعليل بانتفاء الموانع / ؛ فهو باطل على أصلهم (١) ؛ حيث قضوا باستحالة قيام الحياة بالجوهر الفرد ، وجواز قيامها بالجسم المركب من الجواهر المجتمعة ؛ وفيه توقف الحياة علي كل واحد من أفراد (٢) الجسم لا محالة.
وأما الوجه الثالث : لأن إلحاق الغائب بالشاهد ؛ إنما هو بواسطة الاشتراك في العلة المصححة للمدركية في الشاهد. فإذا (٣) أمكن أن يكون المصحح هو الحياة ، وحصول المدرك ، وصحة الحاسة ، وانتفاء الموانع ؛ فإن استحال تحقق هذه الشرائط ، أو بعضها في حق الله ـ تعالى ـ فلم يوجد في حقه ، ما كان هو المصحح في الشاهد ؛ فكان الإلحاق ممتنعا.
كيف ، وأن (٤) كل (٤) ما أوردناه على المسلك المتقدم (٥) ؛ فهو وارد هاهنا (٦).
وربما استروح بعض الأصحاب (٧) في إثبات السمع ، والبصر لله (٨) ـ تعالى ـ (٨) إلى ظواهر واردة في الكتاب ، والسنة.
منها ما يدل على كونه سميعا بصيرا ، كقوله ـ تعالى ـ (إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) (٩).
ومنها ما يدل على نفس السمع ، والبصر ، كقوله ـ تعالى ـ : (إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَأَرى) (١٠). إلى غير ذلك من الظواهر ؛ وهى غير مفيدة لليقين ، ولا خروج لها عن الظن ، والتخمين ، والتمسك بما هذا شأنه في إثبات الصفات النفسية ، وما يطلب فيه اليقين ، ممتنع.
__________________
(١) فى ب (أصولهم).
(٢) فى ب (أجزاء).
(٣) فى ب (فإن).
(٤) فى ب (وكل).
(٥) فى ب (الأول).
(٦) فى ب (هنا).
(٧) منهم : الغزالى في كتابه الاقتصاد في الاعتقاد ص ٥١ ، والرازى في كتابيه المحصل ص ١٢٤ ومعالم أصول الدين ص ٤٦.
(٨) فى ب (به).
(٩) سورة الحج ٢٢ / ٧٥.
(١٠) سورة طه ٢٠ / ٤٦.